العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ

مطرقة الكلام

هدير البقالي comments [at] alwasatnews.com

-

«إن الكلمات الأكثر هدوءاً هي التي تستدرج قدوم الإعصار، وإن كلمات تتقدم على «أرجل حمام» لهي التي توجه العالم».

نيتشه أحياناً، تتطفل الكلمات بكلمات، وتتجمل الكلمات الأخرى بملاطفات شيقة أكثر إثارة، وأعمق جذوراً، في الممكن واللاممكن، فيما يطرأ على الآخرين إرهاصات الولادة قبل الكلام، ويبدأ الدماغ بالتمحور حول دائرة فاصلة من الزمن ما بين الجلاد والضحية، للمراهنة على قوة الكلمة وليس على قوة صاحب الكلمة.

إذاً، الكلام المذكر والكلام المؤنث، يأخذ مجراه بين الفصول الحياتية، بينما هناك قوى تتربص لكل كلمة تقال، وتنشر، وتنفذ، ومن ثمة تستصدار الأوامر بالطرق المشرعة وبحدود اللامشرعة، تبدو هادئة بعض الشيء، للامتثال أمام قانون الكلام.

ومن المرجح، أن يكون للمرء نظريته الخاصة بكلامه، يستحدثها في كل يوم أو ربما لكل شخص ضيافة مميزة، بحسب قامته الطويلة أوالقصيرة، ومرجعيته الفكرية التي تسترسل بدورها الكلام اللطيف والمجمل، وما يحيكه بمخيلة لاتغذو إلا بدستور كلامي، يبنى عليه جملة من جمل، للاجراءات الحيوية، ولقراءات خفية تواجه متاريس جمة.

نتحدث، ونشير، ونستبعد، ونستنكر، ونعارض لنصل الى التأييد، ونحني بخطوط الكلام لاستشفاف الوقائع، وننسج الكلام بإجابات لأسئلة، تشغل العقول المجردة من الوقائع، لكن التصعيد هو سيد الموقف الكلامي، وذلك حينما نأخذ أسوة بأطراف الكلام، بأفضل حالاته، لقليل من الموازنة والتداخل، فلا نحتاج الى استمارة تحيلنا للدخول بمقتضيات الكلام، ولا رسوم اشتراك لتجديد عضويتنا بمجموعة تعترى الاختراق في كثير من الأحيان للذات وللنفس، وما الاحتجاج إلا لفاصل قصير للكلام وسامه المكر والذكاء.

ملامح الكلام، تتبلور بخيارات عدة وبزوايا هندسية محددة، تستدرج على نطاقها الحضور بعدد رؤية الآخرين لطياتها، لتتضمن محافل العدالة، والتوحيد، والحرية والدمقرطة، والعلم، والمساواة، والتقدم الأجتماعي للالتحاق بمجتمع مدني، الذي مازال يتسابق على الهزائم المتتالية، وبتحدي واقع يفاقم التطهير الكلامي، ولكن، بتركيبة افعل كما تفعل عندما تستعد للكلام.

يبدو الكلام خارج النص عندما نبدو داخل الوطن، على رغم الاستعانة بمزين تجميلي، لإخفاء عيوب كلمات، طرزت على الأجساد خفاياها، وبعثت لحين تمثيلات مجسدة، بصورة أوشام، حكمتها قروناً بين الأجساد، إذ غايبها سوط الرقيب، بين حين وآخر، واشتهتها معاناة تجتري آلام الصمت، لتتفاعل مع أحلام قادمة تروي رؤياهم، وما هي التراكمات والترسبات إلا أكوام لمطرقة تقطع الرؤوس وتسلب حقوق الكلام

العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً