منذ مدة ليست بالطويلة نشرت الصحف البحرينية خبراً صادراً من التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية عن مداهمتهم لإحدى البنايات في العاصمة (المنامة) وإمساكهم شبكة دعارة في حال تلبس... وكان يدير هذه الشبكة ثلاثة آسيويين ويعمل بها عدد من النساء الآسيويات أيضاً مع أخريين إفريقيتي الجنسية.
طبعاً، رجال التحقيقات الجنائية ما شا الله عليهم (وحسب ما نشر في الصحف) أظهروا الموضوع وأخرجوه بطريقة تشبه الأفلام البوليسية... أو حسبما نراه في أفلام الجاسوسية وجيمس بوند... من تلقي معلومات تفيد، إلى مراقبة وتحري، إلى متابعة المراقبة والتحري، إلى رصد تحركات المشتبه فيهم، إلى عمل خطة صممت خصيصاً لمهاجمة الهدف في حال تلبس، إلى إنشاء مركز متطور لقيادة العملية الكبيرة، وإنشاء مركز للسيطرة على المعلومات وعلى خطة سير العملية حتى يتم القبض عليهم جميعاً في حال التلبس، وحتى لا يتمكن أحد منهم من الهروب من النافذة أو من باب المطبخ الخارجي.
ومن ثم قامت القوات المختصة بالمداهمة بمهاجمة الهدف في ساعة الصفر... وتم إلقاء القبض على جميع أفراد شبكة الدعارة التي أساءت للبلاد المسلمة، وألقت بظلالها على العباد الآمنين... وفي اليوم الثاني تم نشر أسرار هذه العملية الجبارة في معظم الصحف الصادرة محلياً وخليجياً، عربياً وعالمياً... صحفنا المحلية نشرت ما عملته التحقيقات الجنائية من عمل جبار أدى إلى تفكيك شبكات الدعارة في بلادنا الحبيبة، وقد كانت هذه رسالة موجهة إلى كل من تسول له نفسه المساس بمشاعرنا الرقيقة.
أنا حالي من حال الناس... قرأت الموضوع ورأيت الصور المعروضة على صفحات الصحف للمتهمات بالدعارة واندهشت... اندهشت وتعجبت لأشكال النساء المتهمات، يعني أشكالهم مربيات أطفال وأعمارهم ليست صغيرة ووجوههم ليس فيها أية مسحة من الجمال أو الأنوثة، وهن أقرب إلى كونهن خادمات منازل وهاربات من كفلائهن من كونهن بياعات هوى... الشرطة تقول ألقينا القبض عليهن وهن متلبسات، وعادة المرأة المتلبسة بالدعارة يكون معها رجل... فأين الرجال المتلبسون والذين كانوا في الوكر معهم؟ وما جنسيتهم؟ وأهم شيء ما أشكال الرجال الذين يمارسون الدعارة مع هذه الأشكال من النساء، وكم تبلغ أعمارهم؟ بودي أن أعرف نوعية الرجل الذي تحمل (على الأقل) رائحتهن، ودفع عليها نقوداً أيضاً... فمن قال إنه «كل ساقط له لاقط» فإنه قد صدق.
أفراد هذه الشبكة (من رجال ونساء) كيف دخلوا إلى البلاد؟... هل هم كانوا موظفين في شركة مثلاً، أو عند عائلة، أو في مؤسسة صغيرة ثم هربوا وتم الإبلاغ عنهم؟... أم هل هم ممن دخل البلاد بطريقة غير مشروعة أو عن طريق التهريب؟... أم أنهم من أصحاب الفري فيزا، بما يعني أن هناك أناساً استخرجوا لهم فيزا عمل وأدخلوهم البلاد ثم تركوهم يعيثون في الأرض فساداً، وفي آخر الشهر عليهم دفع المقسوم الشهري لسعادة الكفيل؟ الذي ماذا نسميه؟
الفري فيزا أصبحت ظاهرة خطيرة لدينا في البحرين، وأصحابها نجدهم منتشرين في البلاد على طولها وعرضها، من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب... وإذا كنا نتحدث الآن عن الدعارة والشقق المشبوهة في البنايات المعروفة، فإنه لزاماً علينا أن نقول إن ما عملته إدارة التحقيقات الجنائية هو غيض من فيض، وما مسكته وزارة الداخلية هو مجموعة صغيرة جداً من العجائز غير المحترفات... أما البنات الأخريات (والدلوعات) اللاتي تصل أعدادهن إلى المئات، فهن موجودات بشكل مكثف في بعض البنايات، والتي لا تبعد عن مقر التحقيقات سوى بضع مئات من السنتيمترات.
أما إذا كنا نتحدث عن باقي أنواع العمالة السائبة من جماعة الفري فيزا فهذا شيء حدّث فيه ولا حرج... كهربائي، نجار، مواسرجي (بايب فيتر)، ميكانيكي، سائق، مربية، مربي، خادم، خادمة، زراع، كواي... كل شيء... والأعجب أنك ترى في بعض الأماكن «طرار فري فيزا»، يعني طرار كيف؟... آسيوي تارك بلاده وأهله، واشترى فيزا بمبلغ يفوق الألف دينار، وحضر إلى البحرين، ويدفع «سكن وأكل»، كل هذا من أجل أن يمتهن مهنة الطرارة.
من هو الشخص الذي كفل هذا الطرار وأتى به إلى البحرين؟... وهل نحن أساساً «ناقصين» طراروة؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ