سمعت عن الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية بيل كلنتون كثيراً، وخصوصاً في الكتب التي تتكلم عن القادة الذين وصلوا إلى الشهرة والمجد من بوابة الفقر والطموح. وعندما تلتقي مع شخصيات موهوبين دائماً ما يذكرون كلنتون مثالاً للطفل اليتيم الذي وصل إلى المجد بطريقة عجيبة تسترعي الانتباه والسؤال.
لسياسة كلنتون أخطاء كثيرة وإيجابيات أيضاً كثيرة، ومن سلبياته احتضانه للمثليين ومحاولة سن قوانين لدعمهم، لكن من إيجابياته إعطاء الإصلاح الاقتصادي دوراً في سياساته. هذه نقطة مهمة يجب أن يركز عليها وزراؤنا وكذلك المعارضة والمثقفون والدعاة، فالديمقراطية السياسية ليست أهم من الإصلاح الاقتصادي. في نظري أن الثاني أهم. سنغافورة متواضعة سياسياً، لكنها قوية شعبياً، لأن الاقتصاد رفع من معيشة المواطن، وكذلك ماليزيا، وحتى في الخليج نلحظ الإمارات مثالاً على ذلك. للإصلاح الاقتصادي أهمية قصوى للتنمية. تلقفت كتاب كلنتون «حياتي»، وهو عبارة عن سرد تاريخي لحياته، طرح من خلاله كل ما واجهه في الحياة من الطفولة إلى الرئاسة. ما لفت انتباهي هو تركيزه على أهمية الاقتصاد، وأهمية الحفاظ على الطبقة الوسطى من الناس من أن يصلوا إلى حافة الفقر، وراهن في حملته الانتخابية على أمور مهمة تهم المواطن الأميركي منها: ترميم الاقتصاد، والتقدم الاجتماعي، وشرعية الدولة، بل راح يضع في حسابه أهمية التطوير الصحي، ودعا إلى معالجة البطالة في أميركا، إذ قال في ص 518: «كان يجب أن نجد حلاً للبطالة التي بلغت 7 في المئة». وكان شعار كلنتون في الانتخابات: «الشعب أولاً». ويقول في ص 519: «إن نصف الشعب الأميركي والذي تجاوز 65 من العمر يعتمد على الضمان الاجتماعي للعيش فوق خط الفقر». «كنا نعمل جاهدين لرفع مستوى دخل المواطن من مساهمة الأثرياء والشركات وإشراك كل قطاعات القطاع الخاص». حتى بالنسبة إلى الضرائب فالدولة تستفيد من العائد الضريبي للإنفاق على التعليم.
الطالب البحريني يتخرج من الثانوية غالباً لا يجيد اللغة الإنجليزية... بالنسبة إلى السوق يقول كلنتون: «لقد تحدثت لإيجاد حل منصف للوضع، فالسيارات اليابانية تغزو السوق الأميركية في حين تغلق أسواق اليابان في وجه السوق الأميركية ومصانع قطع غيار السيارات».
هذا الأمر يدخلني في إشكال فتح السوق البحرينية والسماح للخليجيين باستملاك الأراضي البحرينية، والعقارات الموجودة من دون أية قيود، حتى جعلت البحريني يعاني من أزمة غلاء حادة، نزعت منه كل ملابسه. أصبح حلم المواطن في شراء أرض كحلم إبليس بالجنة. الحكومة مطالبة بقراءة سوق العقارات وجنونية الأسعار التي أصبحت كالعفاريت تأتي المواطن في الأحلام. لابد من ضوابط (اقرأ القانون العقاري لسلطنة عمان). حتى قرض الإسكان فهو لا يغطي الركبة، فـ 10 إلى 40 ألف دينار لا تبني منزلاً في ظل هذه الأسعار! المعارضة مطالبة بطرح برامج اقتصادية للناس أيضاً، وما عادت تجدي الخطابات الإنشائية. يجب عند العمل على الديمقراطية السياسية العمل أيضاً على الإصلاح الاقتصادي. يقول تولستوي: «إذا غنيت للجائع سمعك بمعدته». كل هذه الشعارات والخطب لا تغني شيئاً إذا لم تترجم إلى مشروعات اقتصادية ترفع من المستوى المعيشي للمجتمع.
أقول: كلنتون على أخطائه كان في برامجه يركز على أهمية المجتمع الأميركي، ونحن نطالب الوزراء بالنزول إلى الناس، بالذهاب إلى القرى ليطلعوا على حجم الفقر، ورصد العوائل التي تحتاج إلى مساعدة. أنا أشكر وزارة الشئون الاجتماعية إذ بادرت أمس بالاتصال لتقييم العائلة المنكوبة، وفعلاً ذهبت إلى العائلة وكتبت تقريراً عن وضع العائلة (من السنابس)، ونتمنى الإسراع لمنحهم بيتاً لا شقة، ولكن السؤال: كم عائلة فقيرة توجد في هذه المناطق؟ للأسف تم رصد ملايين لأجل العوائل الفقيرة ولكن بعض أعضاء المجلس البلدي راحوا يلهثون وراء الـ «شو» والخلافات الشخصية على حساب هؤلاء الفقراء. أعرف مواطناً بحرينياً طاعناً في السن، يقوم بجمع علب معدنية ليبيعها، ومن ثم يشتري مكانها طعاماً لأطفاله، وله ابن يجيد السواقة... نتمنى من المسئولين أن يوفروا للابن وظيفة للعمل، كي ينتشل عائلته من وضعها المأسوي
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ