العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ

فيلم يحكي قصة لندن لو كانت دكتاتورية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يعرض حالياً الفيلم «في فور فنداتا» يستكشف - في قصة خيالية - ماذا سيحدث في بريطانيا في المستقبل فيما لو تم اقناع الشعب هناك بأن خطراً يحدق بهم، وان عليهم ان يتنازلوا عن حقوقهم وتسليم أمرهم لحكومة فاشستية يسيطر عليها زعيم يلقب نفسه «المستشار الاعلى»، ويلغي جميع مؤسسات الدولة بصورة عملية ويتولى جهاز المخابرات مسئولية إدارة المجتمع. الحاكم الفاشستي يرتبط مع آخرين من بينهم «رجل دين» يمارس الجنس مع الاطفال (قمة النفاق)، وهو أيضاً من أغنى الناس، لأنه يشترك مع المسئولين في الحكومة الفاشية والمخابرات في إجراء تجارب بيولوجية على أناس يتم اعتقالهم... ومن ثم يقوم الماسكون بزمام الأمور بتجريب اسلحتهم البيولوجية على مدارس وأماكن عامة، ويموت نحو مئة ألف. الحاكم أيضاً مرتبط بشركة تصنيع أدوية، والحكومة تسخر كل شيء لشراء هذه الأدوية بحجة حماية صحة الناس. في الوقت ذاته تتهم الحكومة الجماعات الارهابية بالاعمال التي نفذتها هي، وتعتقل وتعدم من تشاء بحجة مكافحة الارهاب.

ويتنازل الناس تحت التخويف من الارهاب، عن حقوقهم مقابل الأمن، ولكنهم لا يحصلون عليه بل يعيشون في رعب مستمر، وحتى المؤن والتنقل يصبحان تحت سيطرة الحكومة، وحظر التجوال ومنع الناس من قراءة الكتب (في لندن التي تفخر بحرية العلم والمعلومات حاليا!). لا وجود لصوت معارضة أو انتقاد لأن كل ذلك سيؤثر على الأمن القومي وسيكون مخالفا لقانون «اثبات الولاء».

بطل القصة (في) كان أحد المعتقلين الذين جربت عليهم الأسلحة البيولوجية، ولكن تفاعل التجارب يغير شيئاً ما في جسمه، فيهرب ويقرر الانتقام الذي يتمثل في إشاعة الفوضى والتخلص من كل القادة الفاشستيين الذين حولوا بريطانيا إلى بلد يخاف فيه الناس من الحكومة، والناس يخضعون لإرادة الحاكم المطلقة، بدلاً من الحال الديمقراطية التي تفترض ان الحاكم والحكومة يخضعان لإرادة الناس. ويكون انتقام الشخص المشوه الذي يلبس القناع (في) في خطة لتفجير المباني التي تمثل إرادة الدولة وعلى رأسها مبنى البرلمان، لأنه أصبح يمثل إرادة الذين أجروا عليه تجارب بيولوجية، إلا انه يضطر أثناء تخطيطاته الانتقامية إلى مساعدة امرأة كان سيغتصبها بعض أفراد المخابرات، فيخلصها منهم ويقع بعد ذلك في حبها... وبالتالي يتخلى عن فكرة الانتقام ويترك حسم الامور لمن سيعيشون في المستقبل (على أساس أن حتفه اقترب)، وهي اشارة إلى أن لكل شخص مدى ينشط فيه، ويجب ألا يستحوذ على زمانه وزمان غيره، وعليه أن يفسح المجال لدماء جديدة.

الفيلم يلقي في قلب من يشاهده الرعب، إذ يصور الحياة في لندن تحت الحكم الدكتاتوري كالجحيم الذي يفضل فيه الناس الفوضى بدلاً من الحياة كأموات، ويتجه كثير منهم إلى مناصرة الفوضوي (في)، بدلاً من البقاء على وضعهم المملوء بالرعب، وبالسجون المكتظة بمن يختلف مع المستشار الاعلى الذي يحكم رقاب الناس من خلال إرعابهم بالحركات الارهابية، والذي تزداد ثرواته بعد زيادة المبيعات من العقاقير (التي من المفترض انها تحمي الناس من العمليات الارهابية البيولوجية) والتي تبيعها الشركة المرتبطة به.

في الأخير يرسل الفيلم رسالته إلى البريطانيين والمشاهدين الآخرين: إذا تخلى الناس عن دورهم في الحياة وصدقوا إحدى الجهات التي تصادر حرياتهم بحجة الأمن القومي فالنتيجة جحيم لا يطاق. ويرسل الفيلم رسائل أخرى من بينها: ان التخلص من الخوف، ومن ثم الارتباط بحب الآخرين (سواء تمثل في حب امرأة أم بلد) فإن فكرة الانتقام تتفكك، والشعب مهما سحقت إرادته، يستطيع الانتصار لنفسه واسترجاع كرامته عندما يتوحد ضد الدكتاتورية. العمليات التي خطط لها (في) يتم تنفيذها في الأخير، ولكن بعد ان يتغير هدفها من «الانتقام» الى «بعث الأمل في قلوب الناس»

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً