أكد المفكر الإسلامي الشيخ أحمد الكبيسي أن الخطاب الإسلامي يقتضي أناساً مؤمنين به قولاً وعملاً، مشيراً إلى أن هذا الخطاب موحد بطبعه، إلا أن هذه الأمة في قليل من أجزاء تاريخها تفرقت شيعاً وأحزاباً حتى بدأ بعضهم يضرب رقاب بعض كما هو الحال في عدد من بلداننا الإسلامية.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها الكبيسي ضمن محاضرات الدورة العلمية للخطباء والدعاة في يومها الرابع على التوالي، وقد كانت بعنوان «الخطاب الإسلامي ودوره في تحقيق وحدة الأمة».
ودعا الكبيسي عموم المسلمين قائلاً: لا يغرنكم هذا «الغبش» وهذا السطح، فعمق الأمة موحد، فقد توحدت الأمة كما هي موحدة الآن، مردفاً «ما من أمة شقيت بمفكريها وعلمائها وقادتها كهذه الأمة، فمن فرقنا طوائف وشيعاً وأحزاباً هم بعض من زعم أنه من أهل العلم، فشخص واحد يضل أمة وشخص آخر يهدي الأمة».
وأوضح الكبيسي «شر مصائبنا هي الأسماء والعناوين، فقد فرقتنا طائفياً ومذهبياً وفئوياً حتى أصبحنا أمماً شتى، على اتساع وشمولية هذا الدين الحنيف للجميع. «مشيراً إلى واقع المسلمين المزري هذه الأيام والناجم من تلك العصبيات، «فالذي يحدث في العراق لا من السنة ولا من الشيعة، وإنما هما طائفتان جاءتا من الخارج، هو فكر مستورد». وأضاف: «في العراق قتل خيار العلماء على يد من يدعون أنهم أصحاب كتاب وسنة وجهاد، قتلوا لا من أجل أمر جلل وإنما في أمور تعبدية صادقة، فقد كان أحد الصالحين يصلي على النبي خلف الأذان فقاموا بذبحه كما تذبح الشاة، فالخطاب الإسلامي الموحد للصفوف يقتضي مسلماً موحداً لله عز وجل، أما هذا العبث فإنه لا يمت الى الخطاب الإسلامي بأية صلة».
واستطرد قائلاً: «إن هذه العناوين والمصطلحات لاتقوي الإسلام، وإنما تتاجر به وتتقوى عليه، وحينئذ الخطاب الإسلامي الموحد لا ينكره أحد، لقول الرسول (ص): «من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه دخل الجنة»، ولهذا كان النبي وصحابته والتابعون أرفق ما يكونون بالمؤمنين والخطائين.
واختتم الكبيسي محاضرته بدعوة الخطباء والدعاة لتبني رؤية الدين الإسلامي من زاوية واضحة وهي أن الكل مقبول في الدين الإسلامي والكل من أمة واحدة، وإن اختلافنا جميل، وتختلف الأزهار والعطر واحد، وأجمل ما تبدو إذا اختلفت لوناً، فالاختلاف زينة هذه الدنيا.
وعلى صعيد متصل نوّه الوكيل الأسبق للأزهر الشريف وعضو مجمع البحوث الإسلامية محمود عاشور بضرورة إلمام الداعية بقدر عال من الثقافة الشاملة، اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً وسياسياً وتربوياً حتى يكون محيطاً بكل شيء، وبالتالي فإن من الضروري أن يتثقف الخطيب ثقافة سياسية كي لا ينزلق في مزالق السياسة فتستدرجه إلى حيث لا ينبغي أن يستدرج.
وأضاف «إن ديننا اليوم أحوج ما يكون إلى أصوات المخلصين وإلى أعمال المتقين وإلى أن نسير كلنا في طريق واحد، لأن أعداء الإسلام يتربصون بنا الدوائر ولا يبقون على شيعي أو سني، وإنما يأخذون الجميع في طريقهم واجتياحهم لبلاد المسلمين».
وأوضح عاشور «إننا إذا كنا نقيم حواراً إسلامياً مسيحياً مع الأديان، فأولى بنا أن نقيم حواراً إسلامياً إسلامياً نتقارب من خلاله ونبحث أوجه الخلاف ثم نقضي عليها أو نقربها إن لم نستطع القضاء عليها حتى نظل أقوياء أمام أعدائنا».
تفاجأ المشاركون يوم أمس الأول، في فعاليات الندوة التي شارك فيها الشيخ وهبة الزحيلي والشيخ حسن الصفار ضمن سلسلة محاضرات الدورة العلمية للخطباء والدعاة التي تنظمها وزارة الشئون الإسلامية بالتعاون مع «الأوقافين»، بوجود أقراص مدمجة وضعت على سياراتهم، مكتوب عليها «يا قائم آل محمد». ولدى الاطلاع على محتوى هذه الأقراص صدم البعض بما تحمله من إساءات صريحة واتهامات وتجريحات لإحدى الطوائف المسلمة.
وقام بعض المواطنين الذين شاركوا في الفعالية بتسليم نسخة من القرص إلى «الوسط» التي بدورها تفحصت القرص فوجدته محمّلاً من أحد مواقع الإنترنت التي عرفت بنهج الشتم والقذف والتجريح لمن يخالفها في الرأي.
واشتمل القرص الموزع على بعض المواد والصور التي تم استغلالها للتشهير والقذف بكبار مراجع وعلماء الطائفة المعنية، ومن ضمنهم شخصيات مشاركة في الدورة العلمية للخطباء والدعاة التي تقوم بتنظيمها وزارة الشئون الإسلامية في المملكة.
واستغرب متابعون القيام بهذه الخطوات المتكررة «التي تحاول شق الصف المسلم وتوتير الأجواء بين الإخوة المسلمين في ظل مساعي وزارة الشئون الإسلامية للقيام بدور فاعل ومساعٍ حثيثة من أجل لمّ الشمل وتنصيع الخطاب الإسلامي وتخفيف حدة الانفعال في التعامل مع القضايا الخلافية، وخصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها جهات مجهولة بهذه الخطوات الكفيلة بتأجيج الأوضاع في المجتمع البحريني المسلم المسالم».
وتساءل أحد المواطنين الذين أوصلوا القرص إلى «الوسط» عما إذا كانت الجهات المنظمة للدورة التدريبية قد أحيطت علماً بهذه التحركات، وعما إذا كانت ستبذل أية مساعٍ لكشف الجهة التي تقف وراءها لتقديمها إلى العدالة وتفويت الفرصة على المندسين من أجل حفظ الشمل بين أبناء المجتمع البحريني. فيما أبدى آخرون تخوفهم من أن «تُذهب محتويات هذه الأقراص بأهداف الدورة التدريبية ونتائجها أدراج الرياح»، مناشدين المسئولين والجمعيات الحقوقية «سرعة التحرك لإماطة اللثام عن مدبري هذه المساعي التي من الممكن أن تشعل نار الفتنة الطائفية والبحث في سبل إيقافها أو التخفيف من انتشارها».
وعلمت «الوسط» أن هناك تحركات من أجل إيصال نسخة من القرص إلى وكيل وزارة الشئون الإسلامية فريد المفتاح للقيام بدوره بمتابعة المسألة
العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ