السجال شديد، ويبدو أن بعض حملة الأقلام والمفكرين والمثقفين والكتاب الذين هم نخبة الأمة، بدأوا يعودون الى مرحلة مص الأصبع في الطفولة انتظاراً لمرحلة الحبو ومن ثم الوقوف والسقوط لحين اشتداد العظم!
بعض أولئك، من سنة وشيعة، بدأوا يتفننون في كيفية إلصاق تهمة العار بالآخر... إن من المهم في هذه المرحلة، وفي هذا الظرف بالذات، مع رفع صور أسامة بن لادن وحرق سيارات الشرطة واستحضار صورة ارشيفية من قرية باربار ونشرها بمناسبة وغير مناسبة، أن يخنق أحد الطرفين الآخر... وأمام الحكومة، في طقوس سيئة لتقديم قربان الولاء والطاعة والامتثال في جو من الألم المقلق يلف بلادنا من أقصاها الى أدناها.
أقصر السبل لدى بعض أولئك الكتاب، ومنهم رؤساء تحرير، أن تلقي التهمة على (ولاء الشيعة أولاً) وتجردهم من (الدم البحريني الخالص) المشترك بين السنة والشيعة، لتبدأ بعد ذلك في غرس أنياب فتنة، القصد منها وضع الشيعة في لائحة الاتهام... فهم الذين يحرقون (وهذا ليس بجديد على الرافضة منذ قديم الزمان)، وهم الذين يفجرون اسطوانات الغاز، وهم الذين يحرقون الإطارات واشارات المرور، وهم الذين يرفعون صور الخامنئي وبن لادن، وهم كذلك الذين يجلسون على الأرصفة لبيع ولائهم... هذا ما يردده البعض، لكن بصياغات مختلفة!
من السهل أن نلصق التهمة في أهالي قرية أبوصيبع لأن سيارة الشرطة احترقت أمام قريتهم! ومن السهل أيضاً رمي التهمة على أهالي قرية الديه لأن حرائق ليالي الجمعة تحدث أمام قريتهم؟ لكن سيكون مستحيلاً أن توجه الإتهام لأهالي قرية البديع أو الجسرة أو الحد أو البسيتين حين ترى اطارات مشتعلة ترتفع منها النيران... أليس كذلك؟ لأنك ستسأل عن الفاعل!
حقاً، ذلك هو السؤال: «لماذا لم نسأل عن الفاعل الحقيقي الذي حرق الإطارات ووضع القنابل الصوتية وأحرق الممتلكات الخاصة والعامة لكي ننظر بمنظور يختلف عن (تهمة التسعينات العامة على الشيعة)؟ أم أن هذا صعب والأسهل القاء التهمة على الطرف الذي يجب أن يختنق؟
سألنا بعض رجال الأمن: «هل تعتقدون أن هناك (طائفة معينة) يقوم بعض أبنائها بهذه الأعمال؟»، فكانت الإجابة تتمحور على مبدأ البحث والتحقيق والتحري للتأكد، فالقضية حساسة للغاية... فلربما ليس هناك (طائفة معينة) ولكن هناك مجموعة من المجرمين، أياً كان انتماؤهم المذهبي والفكري، يخططون لكل ما يجري... وبدقة أيضاً!
اذن، من العبث أن يحاول بعض كتابنا الأفاضل القاء التهمة، كاملة على الشيعة... فذلك هو أيسر السبل وأقصرها للعاجزين
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1335 - الثلثاء 02 مايو 2006م الموافق 03 ربيع الثاني 1427هـ