لم يشفع لبعض الشيعة اعتبار الخامنئي - مرجع تقليد فقهي - حين صدرت خطابات النقد لأمن حملوا «صورة»، فكان ذلك خرقاً وطنياً لا يقبله أحد، ولم يكن ثمة أي مبرر لمثل هذه التصورات اللامسئولة، فاعتبر رفع صور «الخامنئي» فعلاً سياسياً محضاً لا يدحضه جدال، وكان ارتفاع وتيرة النقد مبرراً. وما حدث قبل أيام في تظاهرة «المئة وخمسين» من المتعاطفين أو الموالين لـ «ابن لادن» هو بمثابة الوقوع في الخطأ نفسه وبتبعات أكثر خطورة، ولا تخفف هذه الخطورة أي تبريرات يصطنعها هذا أو ذاك. الحكومة لابد أن تكون واعية لدلالة خطيرة مثل هذه، فصور أسامه بن لادن (أمير المؤمنين المفترض) على القمصان، والوجوه المخبأة خلف سواد يذكرنا بأولئك المهووسين بإراقة الدماء في العراق، والأطفال المغرر بهم، كلها دلالات على أن قائمة من نشطاء «القاعدة» تختبئ هنا او هناك، فإما أن نحتضن «القاعدة الأميركية» أو نحتضن بن لادن (القاعدة).
لابد أن يكون لسياستنا الخارجية حضور وطني داخلي، كما أن اتساقاً مبدئياً بين السياسة الخارجية والداخلية للبحرين لابد له ان يوجد، وعليه، كان على الحكومة التي عاقبت «المعارضة» ذات يوم لإتصالها بالسفارة البريطانية بتعليق الحوار الوطني أن تحاسب المسئولين عن خروج تظاهرة ترفع فيها صور من تسبب في مقتل أكثر من أربعة آلاف أميركي حتى اليوم، هذا والولايات المتحدة هي ذلك الحليف الاستراتيجي لنا، والذي يضمن فيما يضمن لنا ذلك الخوف من رفع صور «الخامنئي» مثلاً.
التيار الديني، والذي يشهد انتفاضة حادة لابد أن لا تتعارض مساراته مع مقتضيات سياساتنا الدولية، وعلى الحكومة أن تتنبه لذلك التوظيف السياسي - الخبيث - والذي يقوم به بعض الحالمين بعودة «صدام» الأسطورة في جر الشارع السني البحريني ليكون شارع «بن لادن» أو شارع «الزرقاوي»، تحت ذريعة واهية قوامها «دعم المقاومة العراقية»!! التعبير عن دعم الإرهاب في العراق او ما يسمى بـ «المقاومة العراقية» يمكن لنا أن نتغاضى عنه حين يكون في حدود التعبير، ولنا أن نتجاوز جدالاتنا لهنيئة في توصيف ما يجري في العراق بأنه «مقاومة» أو «إرهاب».
إلا أن رفع صور «بن لادن» بتلك الصورة هي إشارات خطرة، تنبئ بمدى نخاف أن يتمادى إلى ما هو أكثر من مجرد التعبير عن الرأي، بمعنى، أننا نخشى تحول هذا المشروع لمنظور ديني وسياسي يتصف بـ «الكليانية»، بمعنى أن يتحول إلى منظومة إرهابية تزرع الخوف وتبذر بذور الفتنة، وتبحث فيما تبحث، أن تقيم دولة الخلافة لأمير المؤمنين «بن لادن»، والتي لا تقل خطورة عن «إيران الكبرى»، والتي كنا، ومازلنا، نتوجس منها الخيفة
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1335 - الثلثاء 02 مايو 2006م الموافق 03 ربيع الثاني 1427هـ