ارتأينا الكتابة عن موضوع التوظيف في القطاعين الخاص والعام في البحرين وذلك على خلفية مناسبة الأول من مايو/ أيار، ذكرى عيد العمال. وموضوع اليوم مخصص للتوظيف في القطاع الخاص على أمل أن تتم مناقشة مسألة التوظيف في القطاع العام يوم غد (الخميس).
باختصار تشير الإحصاءات المتوافرة إلى تدني نسبة البحرنة في القطاع الخاص في الفترة الأخيرة الأمر الذي لا يبشر بالخير. واستنادا للأرقام الصادرة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والمنشورة في نشرة المؤشرات الاقتصادية الصادرة من مؤسسة نقد البحرين، فقد بلغ عدد أفراد القوى العاملة في القطاع الخاص في العام 2005 تحديداً: 299080 فرداً موزعين على النحو الآتي: 227180 عمالة وافدة و71900 عمالة محلية.
شكل البحرينيون 24 في المئة من العمالة في القطاع الخاص في نهاية العام 2005. بالمقارنة مثل المواطنون نحو 32 في المئة من العمالة في القطاع الخاص في العام 2001 (الرجاء ملاحظة الجدول المرفق). ولاشك في أن هذا التطور خطير، وربما يحمل معه نذر شؤم خصوصاً في ظل تنفيذ برنامج خصخصة. على سبيل المثال تم تحويل إدارة محطة الحد لعهدة القطاع الخاص في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.
51 ألف وظيفة جديدة
وتظهر الأرقام الرسمية أن القطاع الخاص نجح في إيجاد 51266 وظيفة جديدة في العام 2005. حتى الآن كل شيء على ما يرام، لكن تتغير الصورة بعد معرفة عملية توزيع الوظائف، فقد ذهبت 45595 من هذه الوظائف أي نحو 89 في المئة للأجانب. أما المتبقي (5671) وظيفة أي ما نسبته 11 في المئة من مجموع الوظائف، فكانت من نصيب العمالة المحلية.
المؤكد أن إيجاد هذا العدد الكبير من الوظائف في غضون سنة واحدة وفي القطاع الخاص وحده يعد مؤشرا ايجابيا على تنامي الحركة التجارية في البلاد. على أقل تقدير تعتبر قدرة القطاع الخاص على إيجاد عدد كبير من الفرص في فترة قصيرة خير دليل على تنامي الثقة في اقتصادنا المحلي. بالمقارنة تمكن القطاع الخاص من إيجاد 34850 وظيفة طيلة العام 2004 و17075 في العام 2003. حقيقة تؤكد هذه الأرقام نمو الفرص التجارية أمام مؤسسات القطاع الخاص.
من جهة أخرى أنه لأمر محزن أن نرى الأجانب يحصلون عل نصيب الأسد من الوظائف الجديدة في الوقت الذي يعاني فيه أبناء هذا الوطن من أزمة بطالة خانقة. فحسب المشروع الوطني للتوظيف، هناك أكثر من 14 ألف عاطل من المواطنين. وربما يكون الرقم أكبر من ذلك، إذ المشهور أن بعض العاطلين فضل عدم التسجيل في المشروع لأسباب خاصة بهم مثل تخوفهم من أن هناك أهدافا «سياسية» وراء المشروع فضلا عن تشكيكهم في قدرة وزارة العمل على إنهاء أزمة البطالة.
أسباب تفضيل العمالة الوافدة
المؤكد أن هناك أسبابا جوهرية تجعل مؤسسات القطاع الخاص تفضل توظيف الأجنبي على المواطن، ومن بينها عدم وجود تشريعات مقيدة. فبمقدور مؤسسات القطاع الخاص توظيف الأجانب دونما رقيب أو حسيب. صحيح المطلوب من المؤسسات الاحتفاظ بنسبة من البحرنة ودفع رسوم لوزارة العمل، لكن يبدو أن الأمور لا تعتبر بالضرورة مقيدة وبمقدور الشركات تحويل كلفة التوظيف على المستهلكين.
أيضا هناك عامل الأجور، فقد بلغ متوسط الأجر في القطاع الخاص في العام 2005 تحديداً 207 دنانير شهرياً. لكن حصل المواطن البحريني على أجر قدره 372 ديناراً. بالمقابل حصل الأجنبي على متوسط راتب قدره 154 ديناراً. أي أن ما حصل عليه الأجنبي يمثل نحو 41 في المئة فقط مقارنة مع أجر المواطن البحريني. طبعا الحديث هنا عن المتوسط، فهناك آلاف الأجانب يحصلون على رواتب متدنية إلى أقصى حد ممكن خصوصا مقارنة بما يحصلون عليه في أوطانهم. فقد تبين أثناء ندوة إصلاح سوق العمل في نهاية العام 2004 أن الحد الأدنى للأجر في منطقة (كيرالا) في الهند هو في حدود 45 دولاراً أميركياً، أي 17 ديناراً بحرينياً.
ختاماً، نحن أمام واقع مر فيما يخص فرص توظيف المواطنين في القطاع الخاص. وكان لدينا أمل في أن يتمكن مشروع إصلاح سوق العمل من المساهمة في إيجاد حل لقضية بحرنة الوظائف، إلا أن هذا الأمل قد تبخر بعد أن فشل المشروع الأصلي في الحصول على تأييد مجلس النواب. وكان المشروع يهدف إلى فرض رسوم عالية نسبيا على توظيف العمالة الأجنبية تصل لحد 100 دينار شهرياً في نهاية المرحلة الانتقالية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1335 - الثلثاء 02 مايو 2006م الموافق 03 ربيع الثاني 1427هـ