المتتبع للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط يجدها تساهم بصورة جلية في تغذية الإرهاب بعكس ما تهدف إليه الحرب المعلنة على هذه الظاهرة. وأهم عوامل هذه التغذية طبعاً التدخل في العراق وإطالة احتلاله، الموقف من الحكومة الفلسطينية المنتخبة أخيرا، والإبقاء على الدول التي لا تدور في فلك الولايات المتحدة في قائمة رعاية الإرهاب على رغم رغبة تلك الدول في تطبيع علاقاتها مع واشنطن ومقتها لخيار المواجهة، وحتى تنظيم «القاعدة» فقد قدم من قبل مبادرة للاتفاق على هدنة.
وكانت نتيجة التعسف الأميركي ما رأيناه في الأسبوعين الماضي والجاري من أشرطة فيديو لزعماء التطرف الثلاثة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي. وجميعهم ركزوا في كلماتهم على السياسات الأميركية في العالم الإسلامي مثل الوجود العسكري في العراق وأفغانستان ودعمها الاقتصادي والعسكري لـ «إسرائيل» ودعمها الممتد لعقود للحكومات «المستبدة» في عالمنا العربي والإسلامي.
لذلك فإن التأثير - الذي أحدثته عدة حوادث وقعت أخيرا - ساعد في زيادة كراهية المسلمين للغربيين عموماً والأميركيين خصوصاً. فهذه الحوادث على رغم أنها مؤسفة وتعتبر من المنظور الإسلامي أعمالاً متعمدة واعتداءات فظيعة على نمط حياة ومعتقدات المسلمين، لكنها ليست خطيرة للغاية في نظر الغرب.
وكانت النتيجة وفقاً لتقرير الخارجية الأميركية مقتل 14600 شخص في 11 ألف هجوم إرهابي العام 2005، وهو على رغم أعلى بكثير من العام الذي سبقه (2004) الذي سجل مقتل 1907 في 651 هجوماً إرهابياً. ومع ذلك تتحدث إدارة بوش عن أن العالم أصبح أكثر أمناً من ذي قبل وذلك في منحى لتبرير تدخلها السافر في شئون الدول ذات السيادة. فكيف أصبح العالم أكثر أمناً وبين الفينة والأخرى تحذر العواصم الغربية رعاياها من السفر إلى منطقة ما. وعموماً يوجد اليوم حليف وحيد لا يمكن الاستغناء عنه من قبل المتطرفين ألا وهو السياسة الأميركية تجاه المنطقة. ومن الواضح أن الوقت ليس في صالح الولايات المتحدة، فهي تخسر في جميع الجبهات، وستخسر أكثر إذا ما أقدمت على ارتكاب مزيد من الحماقات المحتملة
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1334 - الإثنين 01 مايو 2006م الموافق 02 ربيع الثاني 1427هـ