يعتبر خيار التنمية أحد أهم الخيارات الصعبة أمام الحركة النقابية، إذ إن المتغيرات الاقتصادية الاجتماعية، وحتى السياسية تفرض واقعاً صعباً أمام مؤسسات المجتمع عموماً والحركة النقابية خصوصاً فكلما زاد التوتر السياسي بين الدول اثر ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر على الحركة الاقتصادية، وبالتالي على الحركة العمالية وعلى سبيل المثال التوتر السياسي بين إيران وأميركا من جانب والغزو الأميركي للعراق من جانب آخر وعدم استقرار الوضع الأمني وبداية انتشار بعض الحركات المتطرفة كل ذلك يعطل حركة التطور الاقتصادي، ما يتسبب في ارتفاع نسبة البطالة والوضع الفلسطيني خير دليل على ذلك، ومن جانب آخر ارتفاع أسعار النفط والنمو الاقتصادي في كل من الصين والهند والانتعاش الصناعي في تلك الدول وتطبيق اتفاق منظمة التجارة العالمية (دشط)، ما ساعد في توفير السلع بأسعار منخفضة تنافس الصناعة المحلية على المستويين العربي والعالمي على تلك المتغيرات التي ساعدت في زيادة التنمية في جنوب شرق آسيا، ولكن تأثرت سلباً في الدول العربية ولهذا نرى أن ارتفاع نسبة البطالة وخصوصاً بين الشباب، ما دعى إلى اهتمام منظمة العمل الدولية بتخصيص برنامج باسم تشغيل الشباب لتزايد عدد الشباب الداخلين لسوق العمل، والمظاهرات والاحتجاجات التي حصلت في فرنسا أخيراً والتي كانت بسبب اقتراح الحكومة الفرنسية بتعديل قانون العمل إذ اربكت تلك التعديلات الوضع العمالي في فرنسا بسبب ما تضمنته تلك التعديلات من وجود مادة تساعد في الاستغناء عن خدمات الشباب العاملين.
وتأتي ذكرى الأول من مايو / أيار يوم العمال العالمي لتسلط الضوء على أهم كل تلك المتغيرات العمالية والعالمية عن كل تلك القضايا إذ تواجه الحركة العمالية عموماً والنقابية خصوصاً وكذلك أطراف الانتاج الأخرى مسائل معقدة في ظل هذه الظروف، حيث ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع أسعار النفط (والتي يمكن أن تساعد في تقليل نسبة البطالة وزيادة فرص العمل بسبب الانتعاش الاقتصادي لمصدري النفط) ولكن وللأسف الشديد لم تتأثر تلك الأسعار في زيادة فرص العمل أو تقليل نسبة الباطلة ولهذا نجد أن الحركة النقابية مطالبة بإعادة النظر في استراتيجيتها وأولوياتها في ذلك، من خلال المساهمة الفعالة في وضع البرامج والخطط الاقتصادية، إذ تتحمل هذه النقابات مسئولية تاريخية في التفهم للوضع الاقتصادي وبما يحقق الرفاه الاجتماعي للمواطنين وذلك بزيادة الوعي النقابي والعمل على خلق آلية تفاهم إيجابية بين النقابات وإدارات الشركات والحركة النقابية مطالبة بالعمل على تأكيد وحدة الحركة النقابية وزيادة الوعي بضرورة وأهمية تعزيز الحوار الاجتماعي بين أطراف الانتاج.
فكلنا نتمنى أن ترفع الحركة العمالية ضمن شعاراتها لهذا العام دور النقابات العمالية في التنمية وأن يكون الحوار الاجتماعي ضمن آليات التنمية الاقتصادية منها أو الاجتماعية فمازالت الحركة النقابية في بداية عهدها ومازالت الثقافة النقابية تعاني من اضطراب فكري وتوعوي. هذا لا يعني أن هناك اللاعوي واللاثقافي بل هناك من يحمل مستوى متقدماً ولهذا اتضح أن مسئولية الثقافة العمالية والنقابية ليست مسئولية جهة دون أخرى بل هي مسئولية ثلاثية (الحكومات - أصحاب الأعمال - العمال) فلا يمكن أن تكون تدريبات نقابية من دون نقابيين ولا نقابيين من دون دعم ولا دعم من دون تشريع
العدد 1333 - الأحد 30 أبريل 2006م الموافق 01 ربيع الثاني 1427هـ