اضطررت في إحدى المرات إلى الاستعانة بأحد الأصدقاء كي يوصلني للجامعة في طريقه لأن منزله قريب منا، ومشوارنا إلى الجامعة واحد، مع اختلاف أن محاضرته تسبق محاضرتي بثلاث ساعات، إلا أنني وجدتها فرصة ثمينة كي احصل على سويعات هادئة من المراجعة الخفيفة قبل أن يحين وقت المحاضرات.
ولأننا دخلنا الحرم الجامعي متأخرين عن محاضرته، طلبت منه أن يتوجه مباشرة إلى مبنى كليته - البعيد والمنعزل - وذلك اختصارا للوقت الذي كان سيستغرقه في إيصالي لكليتي ثم التوجه لكليته، فاقترح علي أن أستفيد من كافيتيريا كليتهم للمراجعة لأنها هادئة - كما يصف - ولا يوجد بها أشخاص كثيرون وخصوصاً أن الساعة كانت تشير إلى الثامنة صباحا في تلك اللحظة. أخذت موقعي في تلك الكافيتيريا الهادئة فعلا وأخذت أتصفح كتبي لأختار ما يناسب أن أبدأ فيه بالمراجعة، إلا أن إحدى الفتيات التي تجلس على طاولة قريبة شتتت تفكيري بتحركاتها الغريبة والتي تدل على العصبية أو الجنون أيهما اقرب، إذ كانت تعلق رجلا على الكرسي المقابل لها ثم تنزلها وتعود لتعلق الثانية وتعود لتضع رجلا على رجل في صورة مستمرة، وهي تعبث في هاتفها النقال كمن يكتب رسالة نصية أو يلعب في الهاتف، ونظراتها تتفاوت ما بين شاشة هاتفها وأحد الشباب المتأنقين «بالثوب والغترة» الجالسين في القاعة يحادث صديقا له بكل هدوء ورزانة. لم يطل تفكيري في الموضوع فقد رن هاتف الشاب معلنا وصول «المسج» بصوته المعروف، وتوقف قليلا للقراءة، وعينا الفتاة تتابعان تحركاته، فرمى الهاتف على الطاولة دون أي إهتمام، فعادت تكتب رسالة أخرى وتنظر إليه، وعاد صوت «المسج» المعروف للرنين من هاتف الشاب، فألقى نظرة سريعة على الرسالة ورمى الهاتف على الطاولة من جديد، فهبت الفتاة كمن اهينت كرامتها وغادرت القاعة وأنا جالس أراقب المشهد من بعيد من دون أن يلحظ الجميع علامات التعجب التي برزت في ملامحي.
بكل صراحة لم تكن تلك أول مرة أشاهد فيها محاولة نسائية للإيقاع بشاب في حبائلهم، فقد صادفت مرة حينما كنت في السنة التمهيدية مجموعة من الفتيات اقتحمن الصف الذي اجلس فيه، ودون اهتمام لوجودي أخذن يتدارسن خطة للإيقاع بأحد الشباب ودفع إحداهن للتحدث معه ( روحي قولي له جذي وجذي) ويبدأون في صوغ السيناريو العجيب، يا ساتر، فعلا (إن كيدهن عظيم) إذا أردن أن يصلن إلى هدف يريدونه، ولن أعجب بعد بضع سنوات حينما أرى أو أسمع قصة أحداثها أن فتاة تطلب من شاب الزواج منها، وهو متكوم في زاوية ينظر إليها بإستحياء
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 1333 - الأحد 30 أبريل 2006م الموافق 01 ربيع الثاني 1427هـ