العدد 3272 - الإثنين 22 أغسطس 2011م الموافق 22 رمضان 1432هـ

دعونا ألا نحقر بعضنا بعضاً

شوقي العلوي comments [at] alwasatnews.com

.

إن من يتابع ما يكتب في صحفنا المحلية سيجد في بعضها ما يرقى إلى السب والتسفيه، فيها ما ينفر وما يخلق العداوة بين الكتاب مع بعضهم بعضاً، بل سنجد فيها ما يؤدي إلى خلق حالة من العداء بين مكونات المجتمع، كتابات لا ترقى إلى النقد البناء. إن الأسوأ فيما يكتب هو تعليقات بعض القراء على تلك المقالات التي تنشر على المواقع الإلكترونية للصحيفة التي يبدو أنها تمر من دون حسيب أو رقيب، ويبدو أن الكتاب باتوا يطربون لها ويفرحون بها.

إن بعض الكتابات بكل أسف وعلى رغم أن موضوع النقد الذي تحتويه هو صحيح في كثير من جوانبه، فإن الأسلوب المتبع في كتابته نجده يرقى إلى السب والتحقير والشتيمة، وهي أساليب لا تليق بالإعلامي وصاحب الرأي. بالإمكان قول الرأي بعقلانية وباحترام، بعيداً عن التسفيه والسب، ذلك هو الأقدر على اختراق أفكار الآخر المخاطب، وهو الأسلوب الأكثر تأثيراً في عقول الناس وخصوصاً عقول الجمهور الذي قد يكون مسانداً ومؤيداً لذلك الآخر الموجه إليه الخطاب. علينا أن ننتقد الأفكار والتصرفات والممارسات بعيداً عن الشخصنة، بعيداً عما يمكن أن يفسر على أنه موقف طائفي أو عرقي أو إثني. الحوار الجميل العقلاني فيما بيننا يوصلنا ويوصل الوطن معنا إلى بر الأمان ويزيل الشحن والكراهية ويساعد على بناء الوحدة والثقة فيما بيننا ككتاب رأي، بل وبين المواطنين بعضهم بعضاً، مهما تكن اتجاهاتهم السياسية أو انتماءاتهم المذهبية أو الفكرية.

الكثير من الكتابات أرى أنها تحمل الكثير من الحق، لكن ما يؤسف له أن أسلوب كتابتها يخرجها عن الحق الذي تسعى إليه، بل هي تسيء إلى الحق المقصود، وبالتالي نجد تأثيرها على القارئ العادي غير الملتزم بموقف مسبق هو تأثير سلبي ومنفر له، فما بالك بموقف القارئ صاحب الموقف المسبق ويحمل رأياً واتجاهاً يناقض رأي واتجاه الكاتب الناقد.

إن الكلمات والألفاظ والعبارات التي نستخدمها في الكتابة وكذلك في الحديث عند توجيهنا نقداً ما لشخص ما أو لطرف ما، تلعب دوراً كبيراً في الاستفادة من التأثيرات الإيجابية للنقد، وهي التأثيرات التي نهدف إليها من وراء النقد. إذا أسأنا استخدام الكلمات والألفاظ والعبارات عند توجيهنا ذلك النقد، فإننا سنضعف التأثيرات الإيجابية له، بل ربما يعطينا نتائج عكسية للأهداف المرجوة من النقد، وبذلك يتحول النقد من أداة إيجابية للبناء إلى أداة سلبية تؤدي إلى الهدم بدلاً من البناء الإيجابي.

إن من المهم لمن أراد أن يمارس عملية النقد اختيار الكلمات والتعابير المناسبة لتوجيه النقد، على أن تأتي تلك الكلمات والتعابير باتجاه إيجابي لتؤتي أكلها وليكون لها التأثير المطلوب على من يوجه له النقد خصوصاً وعلى المتلقي عموماً.

إن قيمة النقد تتأتى من إيجابية وقعه على من يوجه له النقد وعلى ذوي العلاقة بالشأن موضوع النقد. ولن يكون النقد مؤثراً إذا كان صادراً بدوافع طائفية أو عدوانية أو ناتجاً عن ضيق أفق وتعصب، فمثل هذا النقد سيكون مفعوله عكسياً تماماً، إذ يؤدي إلى المزيد من التخندق والتعصب عند الطرف المعني بالنقد. سيكون تأثير هذا النقد محصوراً على من يفكر على طريقة الناقد، محصوراً على الفئة التي يعمل الناقد على تأليبها دون وعي وإدراك منها، ومثل هذا النقد يندرج تحت بند التحريض والتأليب.

إن التعبير عن الرأي والموقف بوضوح وبحرية مطلقة وبجرأة، شريطة أن يكون التعبير ملتزماً بقواعد احترام الآخر وبعيداً عن الإسفاف والتحقير، يُضاف إلى ذلك قبولنا لنقد الآخرين لآرائنا وتقديرنا لمن يوجه نقده لنا، كذلك قبول الآخرين لنقد آرائهم ومواقفهم، ذلك هو تعبير حي عن حيوية المجتمع الذي يتم فيه مثل هذا النقد.

إن السلطة التي تقبل وتستمع للنقد الإيجابي البناء وتفتح صدرها رحباً له، وتقوم بدراسة ما يوجه لها من نقد لتقويم سلبياتها، هي سلطة تستطيع إدارة البلد، وبذلك تتيح لعناصر البناء أن تتقدم، وبذلك لن يكون هناك مكان للمتسلقين والنفعيين والانتهازيين.

قد تغلب علينا الانفعالات والعصبيات التي تفقدنا الطريق الصحيح في النقد، بذلك نتحول إلى التحريض على الكراهية ومعاداة الآخر الذي نختلف معه باسم النقد.

نتمنى ألا يتحول ما ينشر في صحفنا إلى نسخة مما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي من سب وشتيمة. ونتمنى من صحفنا أن تكون حذرة في نشرها لبعض تعليقات القراء المسيئة والمحرضة.

إننا في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن والمواطنون جميعاً في حاجة إلى النقد البناء الهادف، نحن بحاجة إلى نقد يوقف كل التداعيات التي ألمت بالوطن، لنصل جميعاً إلى بر الأمان، نصل إلى ما يعزز المحبة والتآلف فيما بيننا

إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"

العدد 3272 - الإثنين 22 أغسطس 2011م الموافق 22 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:52 ص

      الى الزائر 4

      الحمد الى الواحد ليس الى سواه بأن الحركة المطلبية هي سلمية وإن كانت تشوبها بعض الحركات الغير مؤثرة على جوهرها-وإلا كيف بها إذا قارنتها بالحركة الاخيرة في لندن وما صاحبها من ردات فعل واسعة!!!!!!!!.

    • زائر 8 | 9:41 ص

      الكلمة الطيبة..

      الكلمة الطيبة حسنة-وهي مفتاح الخير لكل المجتمع بعيدا عن الكلام النشاز التي تنفر السامع والقارئ ولا تبني سوى أطلال من الكراهية لا يحمد عقباه-فشكرا للكاتب المشفق على اللحمة الوطنية وبعدا لكل صوت وكاتب يتملق من اجل حفنة من المال على حساب مجتمع برمته!!!.

    • زائر 7 | 5:35 ص

      ما هوالحل0

      الشدة دواء مفيد لبعض الوقت والتراخي يترجم بالخو وألأستسلام واذا غابت العقوبة طفحت فالأسائة لاندري الا متى سنستمر بهذا الشكل الغير عقلاني0

    • زائر 6 | 4:57 ص

      شكراً لقلمك الوطني الخالص

      شكرا لهذا المقال لأنه يحترم عقولنا، وقلوبنا البحرينية الاصيلة.. وهي تعبير واضح لإصالة الكاتب.. وحبة للبحرين، شكرا لك اخي العزيز.. وكم أتمنى أن تخرج البحرين وأهلها الطيبين من هذه الفتنه ..

    • زائر 4 | 3:04 ص

      صحف كلها شتم وسب وفي المقابل خطاب عقلاني

      شتان بينكما يا سالما
      صحف كلها شتم وسب وقذف لطائفة بأكملها وكل من هو محترف في الكلام اللاذع فهو موجود هناك ولكن
      الآذان صماء والعيون عمياء والألسن خرساء تجاه تلك الصحف لها أن تقول ما تريد طالما أنها تشتم الطائفة
      المراد النيل منها
      ولكن إذا تكلم أحد فضلاء هذه الطائفة بكلام علمي منطقي ذا أدب رفيع مناشدا الأمة كلها بعدم التراشق بالألفاظ مشيدا ببعض المواقف يرد عليه برد قاس
      كأنه من أهون القوم

    • زائر 3 | 2:52 ص

      اشارك الراي

      يجب أن يكون النقد البناء وليس الهادم للقيم والاحلام والآمال (الله يعطيك العافية)

اقرأ ايضاً