العدد 3272 - الإثنين 22 أغسطس 2011م الموافق 22 رمضان 1432هـ

ليبيا... من اليأس إلى الأمل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

فجر الإثنين (22 أغسطس/ آب 2011) دخل تاريخ «الربيع العربي»، لأنه اليوم الذي شهد نهاية واحد من أسوأ الحكام في التاريخ البشري وهو العقيد معمر القذافي، الذي كان قد أطلق على نفسه «ملك ملوك إفريقيا»، و«قائد الثورة»، وغيَّر اسم بلاده إلى «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى»، وفرض على أهل ليبيا قراءة واحد من أتفه الكتيبات أطلق عليه مسمى «الكتاب الأخضر».

وبمناسبة انهيار نظام القذافي، فإنني أستذكر جريمتين ارتكبهما هذا النظام الجائر وشهدتهما في العامين 1980 و1993.

جريمة القذافي الأولى التي شهدتها: في 11 أبريل / نيسان 1980 كنت أحضر صلاة الجمعة في مسجد «ريجنتس بارك» في لندن، وبعد الانتهاء من الصلاة وأثناء خروج المصلين الى بهو المسجد دوَّت ثلاث طلقات رصاص في المكان، وكان الصوت مرعباً، وكان الحدث أمامي، إذ قام شخص بتوجيه مسدس إلى ظهر الصحافي الليبي محمد مصطفى رمضان وأطلق عليه ثلاث رصاصات... وما كان من رمضان إلا أن اندفع نحو الحديقة الجانبية قبيل المخرج الرئيسي نحو اليسار (أزيلت في السنوات الأخيرة مع توسعة المسجد المركزي) ووقع على الأرض، وانتزع قميصه أثناء استلقائه على ظهره، وبدت الرصاصات الثلاث وهي لاتزال لم تخرج من البطن، ولونه تحول الى الصفرة الشديدة، وبدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة لنحو 45 دقيقة قبل أن تصل سيارة الإسعاف. وقد صادف مرور اثنين من رجال الشرطة (غير مسلحين) بالقرب من المسجد ولاحق الشخص المسلح الذي أطلق رصاصتين أو أكثر نحوهما، ولكن ألقي القبض عليه بالقرب من المسجد. هول الحدث كان كبيراً أمام المصلين وداخل بهو المسجد المركزي في لندن، وعرفت لاحقاً عن حياة الشهيد محمد مصطفى رمضان الذي أسكت القذافي قلمه بثلاث رصاصات.

جريمة القذافي الثانية التي شهدتها: في 11 ديسمبر/ كانون الأول 1993 اختفى وزير الخارجية الليبي السابق والمعارض منصور الكيخيا... كنا معه في القاهرة في اجتماع المؤسسين والأمناء والأعضاء الرئيسيين في «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» الذين اجتمعوا في القاهرة بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس المنظمة... والاجتماع كان برعاية وزير الخارجية المصري آنذاك عمرو موسى، ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة (حضر ممثل عنها اسمه John Pace )، وكان الكيخيا أحد نجوم ذلك الاجتماع بسبب غزارة معلوماته، وكنا نجلس معه على مائدة الطعام نستمع إلى قصص مثيرة جدّاً وأشبه بأفلام الخيال حدثنا فيها عن الطريقة التي كان ييستخدمها القذافي لإدارة مجلس الوزراء (عندما كان الكيخيا وزيراً للخارجية). انتهى المؤتمر وبدأ كل واحد منا يعود إلى حيث أتى، سوى الكيخيا الذي خرج لزيارة مكان مَّا في القاهرة - بعد انتهاء الاجتماع - واختفى منذ ذلك الحين، وعلمنا أنه اختطف ونقل إلى ليبيا وقتل هناك.

القذافي ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى في حق الشعب الليبيي، وفي حق العرب والأفارقة والمسلمين والإنسانية جمعاء... وشخصيّاً كنت إذا ضاقت بي الظروف وأردت أن أفرج عن همي أفتح التلفزيون وأبدأ بمشاهدة إحدى القنوات الليبية، وبعدها أشعر بالراحة بعد أن أقول لنفسي إنه ومهما تكن الظروف التي أمرُّ بها قاسية ومضجرة وتستحق السخرية أحياناً؛ فإنها أقل بكثير مما يمر به بشر مثلي يعيشون في بلد اسمه ليبيا.

الوضع تغيَّر الآن، والشعب الليبي يرفع رأسه عالياً، وسأشاهد التلفزيون الليبي مستقبلاً لكي أرى كيف انتهى الظلام الدامس الذي فرضه عليهم صاحب «الكتاب الأخضر»... وكيف يتبدل اليأس الى أمل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3272 - الإثنين 22 أغسطس 2011م الموافق 22 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 40 | 7:04 م

      طربوش سقط

      طربوش من طربيشنا سقط وسوف تسقط البقية المتبقيه وتبقى الشعوب حية فقط ‏
      صدوقني ذلك الطربوش من ذاك ......عاش أحمد مطر

    • زائر 39 | 6:23 م

      متابعون

      احس ان العرب صايرين مثل جمهور عريض يتابع كرة القدم الشعوب فيها فريق و الحكومات فريق
      بعد بن علي و مبارك طاح القذافي الدور الجاي على مين؟؟

    • زائر 38 | 3:11 م

      المهرج

      سوف نفتقد الجوكر , أكبر مهرجى سيرك مؤتمرات القمه العربيه.

    • زائر 37 | 11:51 ص

      ...........

      شعرت بفرحة ليبيا الله انتقم لهم من المجنون
      القذافي اراه الله في نفسه و افقده ولده جعله
      ذليلاا بعد ان كان متغطرسا يحسب ان حاله سيدوم والظلم سيدوم
      وتلك الايام نداولها بين الناس وعاشت ليبيا

    • زائر 34 | 9:32 ص

      تشاهد التلفزيون الليبي لتضحك؟!!!

      لدينا في تلفزيوننا اكثر مما تريد!!!!!!!!! تريد محاكمات على الهواء..استهزاء بمكون رئيسي للشعب ..تشفي وشماتة ..الفاظ وعبارات التنابز بالالقاب.

    • زائر 33 | 9:04 ص

      الى الزائر 17

      فعلا انها الكرامة التي ينشدها كل مواطن شريف.
      "لا تكن عبد لإحد وقد خلقك الله حرأ"حديث شريف

    • زائر 31 | 7:11 ص

      الزائر 14 ومنطق العبيد

      يا أخي ألا تعلم ان الله هو من كرم بني آدم عندما خلقهم ولم يجعل المقياس إلا التقوى والذي هو أعلم
      به من غيره
      يا أخي العزيز ما قيمة لقمة العيش المغموسة بالذلّ
      والمهانة
      هل هناك دين أو مذهب يقر الخضوع والعبودية لغير الله
      نحن في وطن واحد بشر متساوون في الحقوق والواجبات هكذا تقول الشرائع السماوية ويقول دستور البحرين
      إذا تعال لنطبّق هذه المقولة على أرض الواقع وبعدها
      خذ مني كل شيء من أجل وطني أنت وأمثالك على راسي لأنكم إخوان لي في الوطن
      أعطني كرامتي في وطني وسوف تلقى مني ما تريد

    • زائر 30 | 6:59 ص

      الزائر 14

      الشعب البحريني حركته المطالبة بالإصلاح من أفضل شعوب العالم في المطالبة ومطالبه واقعية ومن المستطاع تلبيتها من دون الدخول في مزالق طائفية حكومة منتخبة ودوائر عادلة وبرلمان كامل الصلاحيات وخط الدستور بيد الشعب

    • زائر 29 | 6:49 ص

      الزائر 14

      هل رسول الله (ص) لهث وراء كرسي ؟ كم شهيد سقط في غزوات الرسول (ص) ؟ رسول الله رسالته حرية مساواة عدل نسيت قول بلال أحدٌ أحد هل من أجل الكرسي ؟ أم عمار وأبيه من أجل الكرسي ؟ إنها الحرية من العبودية , ما الذي ورثه الرسول (ص) والخلفاء الراشدين لأبنائهم بعد وفاتهم ؟ هل ورثوا نصف ممتلكات الدولة الإسلامية ؟أذهب حول العالم وخصوصا مصر وليبيا وتونس وابحث من يملك علاء وجمال ابناء مبارك وعائلة زين العابدين وابناء القذافي ما يملكون لا تخادع نفسك يا أخي .

    • زائر 28 | 6:29 ص

      نحمد اللة

      اي بلد سقط حاكمها تعيش في استقرار شوف العراق وشوف مصر وتونس واليمن هذة الدول لن تعرف الاستقرار فهذة الشعوب ستعيش الويلات بسبب هذا الكرسي الذي يموت من اجلة مليون ويقعد علية واحد حكموا عقولكم الحمد للة انكم تاكلون وتشربون وعندكم مناصب مة تشوفون ليبيا ومصر اللي ما يقدرون يشترون جرام لحم حتى ( وسيعلم الذين انقلبوا اي منقلب ينقلبون)صدق اللة والعظيم

    • ياسر عباس خميس | 5:32 ص

      سلمت

      دائما مقالاتك معززة بالتجارب والخبرات.. سلمت دكتور

    • زائر 23 | 4:09 ص

      الامام موسى الصدر

      اول جريمه ارنكبها المجرم القذافي في حق الامام الصدر سنه 1978
      في اختطاف و اخفاء موسى الصدر و مرافقيه

    • زائر 21 | 3:39 ص

      مالي كلما طال عمري زادت خطاياي.. فتنبه يا بني آدم..

      يناير: رحل بن علي (تونس) بعد 20 سنة
      فبراير: سقط مبارك (مصر) بعد 30 سنة
      يونيو: خرج عبدالله صالح من (اليمن) جريحاً (يبدو بغير رجعة)، بعد 30 سنة
      أغسطس: هرب القذافي (ليبيا) من عاصمته فاراً، ...

    • زائر 20 | 3:30 ص

      .......

      محاولة تسويق لفكرة الربيع العربي .... اي ربيع عربي عندما تتيه مصر الحنون في غياهب المصير اللا معلوم ... او عندما يدمر عراق الشرف تحت مرأى حكومة تحاول مساعدة دول الجوار عوضا عن مساعدة شعبها..اب ربيع عندما لا يعرف التونسي مصير تونسه ...الربيع سيبدا عندما يسقط نظام الاله في سوريا
      في اعتقادي هي محاولة لتسيير الشعوب العربية الى مزيد من العبثية وتحديد مصيرهم بعنوان مجهول

    • زائر 18 | 3:04 ص

      كيف يتبدل اليأس إلى أمل

      ..........نبارك للشعب الليبي وللأمة الأسلامية جمعاء بسقوط طاغية
      ......

      ونرفع ايادينا للسماء داعين المولى عز وجل ان يتمم على الشعوب العربية في مصر وتونس وليبيا فرحة نصرهم وان يوحد كلمتهم وان يعبروا الخطوات الصعبة بعد سقوط الطواغيت.

      ........

    • زائر 17 | 2:56 ص

      له يوم هو لاقيه ولن يعدو عنه= أين المفر

      لا مفرّ ولا مهرب كلنا راجعن لربّ الأرباب
      ...................
      ومعتوه ليبيا كذلك لم يبقى له من شعبه إلا مرتزقته
      حثالة القوم وهو لا زال يرقص ويغني (اخرجوا لهم بالملايين) هههه
      وها كسابقه ومثيله صدام يختبيء في الجحور كالجرذ
      وكما يسمي شعبه بالجرذان

    • زائر 15 | 2:40 ص

      عاجل جداً

      نسبت يا دكتور ان تذكر اكبر جريمه ارنكبها المجرم القذافي في حق الامام الصدر...وشكراً على المقال الرائع

    • زائر 12 | 1:52 ص

      كبير يامنصور

      كم أنت كبير يا منصور ... كلامك .. قلمك . ثقافتك .. أنت حقا مبهر . لا فض فوك ولا كسر قلمك ... دامت الوسط بك يا منصور ...

    • زائر 10 | 12:24 ص

      "الوضع تغيَّر الآن"

      حقا هناك ما يستحق الحياة....
      و اليوم و الغد و ما بعده سيكون تاريخ بحق...

    • زائر 8 | 10:25 م

      أملنا يا دكتور

      أن يعم الحب والوئام بين أبناء الشعب سنة وشيعة يهود ونصارى بحريني ومقيم كلٌ يعرف حدوده ونعم الإسلام لم يقصر في ذلك ولكن نحن في زمن الديموقراطية وبحريننا تتماشى بها الديموقراطية لإختلاف الأطياف فيها سني شيعي يهودي مسيحي بوذي هندوسي وغيرها نحتاج فعلا لديموقراطية حقيقية ها هي اسرائيل لديها اعضاء في الكنيست من العرب الفلسطينيين والله عيب الى متى سيلزمنا اليأس؟ متى تغيب عنا مرحلة الحلم ؟ متى سيسود الأمل في بلادنا ؟

    • زائر 7 | 10:15 م

      دكتورنا العزيز

      متى سينتهي يأسنا ويعود الأمل بوحدة شعبنا وتحقيق مطالبه؟ أي عاقل هذا الذي يرفض الديمقراطية الصحيحة التي تعني المساواة وعدم التمييز إلا بالكفاءات والمؤهلات نريد جيشنا وطني وشرطتنا وطنية نريد من يستقبل السائحين شرطي بحريني قح وليس من لا يتكلم العربية ولا الإنجليزية نريد أن نكون في أمان ولا يكون ذلك إلا عن طريق الديمقراطية الصحيحة القائمة على الإحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع نريد المحافظة على تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية نريد ونريد ونريد الى متى سنحلم ؟

    • زائر 2 | 9:22 م

      شكرا

      من القلب إلى القلب ‏,‏ سلمت يداك دكتور ‏.

    • زائر 1 | 8:55 م

      ليبيا عاشت كوابيس مرعبة طوال حكم المعتوه القذافي .... ام محمود

      الذي سيدخل موسوعة جينيس في عدد الجرائم المخيفة أعتقد ان التشابه الكبير بينه وبين الطاغية صدام حسين في الخطب الرنانه لآخر لحظه من حكمه الدموي و المجازر والاغتيالات في حق الشعب الليبي المكافح والصابر أيضا هناك تشابه في الغدر والخيانه والمكر يعني الأيام القادمة ستكشف لنا السجل الأسود لأعمال القذافي وملفه الغامض
      هناك جرائم لا يدري بها الرأي العام طمست
      واكيد هناك مقابر جماعية ومفاجآت من العيار الثقيل المدوي
      ستسلط الأضواء على حياته وقصوره والانفاق التي تحت الارض الفخمة
      يستاهل محاكمة واعدام فوري

اقرأ ايضاً