العدد 3271 - الأحد 21 أغسطس 2011م الموافق 21 رمضان 1432هـ

ناصية الحياة

ظبية خميس comments [at] alwasatnews.com

.

على حافة العمر الذي يعدو نحو الضفة الأخرى ترى الدنيا بعين دائرة تدور نحو اكتمال نقصانها والذي سيستدير من جديد في عمر قادم لشخص آخر ذات يوم من أيام علم الله.

تقول أما انقضت, أما انفضت تلك الدائرة المشغولة بدوائر بلا حد في داخلها دارت طوال حياتك ولاتزال تدور؟ أما انفضت بعد؟! ولا شيء يتوقف ولا شيء يأخذ شكله النهائي لا في النفوس ولا في مرآة الدنيا المتحولة والمرتجة كانعكاس صورة وجه في مرآة الماء.

ولله الحمد من قبل, ومن بعد.

تمسك بناصيتك وتمشي راجياً ألا تتفتت قبل الأوان.

وقد انشغلت منذ البدء باكتشاف معنى الحياة تغير زاويتك بتغير ميزانها, تطرق الطرف متأملا, وتطلقه صاعدا, وترنو به لتنظر حدود الدنيا, حدود العدم. تركض في فوضاها راجياً أن تدرك النظام, القانون الذي يسردها عليك وبك وتمسك بماء كل ذلك وما ان تشد قبضتك حتى ينساب من يدك بخارا ووهما يتشكل سحائب أمل ورغبات.

توارى الثرى من أنجبوك ومن أحببت ومن صادقوك أو صدفوك وتقول ليس بعد مازال لديَّ ما أفعله فيها ومازال لديها من سحائب الرغبات والأمل ما يفيض عن حاجة التراب إليَّ.

وما من أمل ولا حلم إلا ويسري حثيثاً إليك بزعانف تسبح عابرة ما فوق التوقع وماهو أكبر من صدع الفجاءة, فترتسم الحدود بين حلم وكابوس وأمل ورهبة وتتساقط لبنات وضعتها وتنهال بروق من خواطف سوف تشيد بنيانها وفى الذهول استقرار لرؤى حال ما تبتني تقوض ليخرج من هدمها بنيان مشيد عتيد لا ضامن له سوى موعد لا تعرفه يبادل العمران بالخراب ويعمر دورا جديدة من أفكار وأحلام يبتنيها عقل البشرية في دوائر تكتمل لتنتهي وتبدأ من جديد.

فما كانت الرحلة أصلا, ومن أي طريق ولأي طريق!

تخترق الأزمنة في زمان واحد, وتصل الأمس باليوم: يأتيك صوت الزمان ساردا بعض سره, مكررا حكمته ها أن ما قد أبتني إلى زوال, وما الممالك ولا الديار سوى عجلة تسير ولا يستقر لها ترحال. من زمن لغيره يتقلب الظلم والعدل والفن وآفات الحياة - تتغير الأسماء والسماوات واحدة تشهد فعل الأرض وبنيها فتشرق شمسها ويحل ليلها وتضحك وتعبس لهذا وذاك. وتسأل ولا تجاب بالكلمات بل بالأحوال والعبر فتقول لنفسك ما من ملك ليمتلك, ما من حال ليدوم, ما من جنة لتغرس بل محل وحل وارتحال. يذوب قلبك لصراخ الأرواح وغايتها غاية لا تدرك إلا لحين يحل ويمضي, وتتحسر على أبدان تفنى, وظلمات من صنع البشر توقد لها شمعة قلبك لعلك ولعلهم يهتدون إلى نور الحياة تطفئها الريح فتستنير بشموع موقدة في قلوب آخرين يسيرون في ذلك الدرب الذي تسمع موسيقاه ويضل عن مقلتيك كثيرا, غير أنك تحاول وتكتشف أن حياتك هي أن تحاول قدر كرم أيام العمر ودون توقف، عل ذلك النور يبقى مضيئاً لأرواح كل تلك الأبدان التي تصارع دنيا البقاء والفناء.

في الملهاة تتبع ظلك وتقول ها انني قبضت على الحلم والمعنى, وظلك يحث الخطى وأنت وراءه تعدو. وما من فرار, بل آية الكون هدمه وبناؤه.

وما لا يلامسه حب لا ينجب غير الضنى. وما لا يصاحبه التجريد والتجرد يتحول إلى عفن يسقط فيه صاحبه. رأيتهم بأم عينك تلاحقهم اللعنات وقد كانوا بالأمس أولياء النعم.

سوف يموت من يموت, ويعيش من يعيش, وتتفرع الدروب وتشيخ الأمنيات, وتتعدد الأشكال ويرفو كل أمرؤ حلمه بعد تفتت الحرير الملون في أيادي المارين على الحياة. سوف تجلس أمام قبر وتترحم على صاحبه وتمشي على آدم الأرض, على بقايا أجدادك الذين كانوا وتنظر إلى بنيك وتتساءل ما الذي سيختلف في الغد وتتذكر أنها محاولة كانت وآنت وستكون.

يا أيها العمر الذي يلامس غده وحافته, اتعظ بما كان وما سوف يكون!

بالحب وحده تصل الدنيا ما وراءها وما الحب إلا جب الحقيقة الوحيد

إقرأ أيضا لـ "ظبية خميس"

العدد 3271 - الأحد 21 أغسطس 2011م الموافق 21 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً