يواجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ضغوطا متزايدة للتراجع عن خطط لخفض تمويل قطاع الشرطة في اطار برنامج التقشف الذي تتبناه الحكومة حاليا بعد ان استشرت اسوأ موجة من الشغب والنهب خلال عقود لتصل الى عدة مدن في بريطانيا. وقال الزعيم المحافظ إنه ستجري ملاحقة "الاقلية الخارجة على القانون" وسينزل بها العقاب وألقى باللوم على الشرطة بسبب رد فعلها الاولى تجاه اعمال الشغب. واستفحل نطاق الاضطرابات لينتقل من العاصمة لندن الى عدة مدن اخرى خلال اربع ليلات عمت خلالها الفوضى مما ألحق الضرر البالغ بموارد جهاز الشرطة وأدى الى اجهاد قواتها. وتنقسم الاراء في بريطانيا بشأن دوافع موجات النهب والاحراق العمد الا ان كثيرين يخشون من انه اذا تم خفض حجم قوات الشرطة ضمن سياسة خفض الانفاق العام التي تنتهجها الحكومة فان البلاد ستشهد مزيدا من المخاطر اذا تفجرت قلاقل جديدة. ويقول بعض المعلقين ورموز المجتمع إن الفقر والبطالة والاحساس بالتهميش الذي ينتشر بين الشبان وتراجع القطاع العام كلها عوامل قد تمس بصورة مباشرة الشرائح الافقر في المجتمع البريطاني. وحرص اد ميليباند زعيم حزب العمال البريطاني المعارص على ألا يتعرض باللوم لسياسة التقشف الحكومية بوصفها السبب المباشر للعنف لكنه قال لهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي "الخفض الذي يجري تطبيقه ضار للغاية بالمجتمع." وألقى كاميرون بالمسؤولية عن العنف على أقلية من المجرمين الانتهازيين وعلى اوجه القصور في المجتمع. وقال كاميرون في جلسة طارئة للبرلمان "بالنسبة الي الاقلية الخارجة على القانون.. المجرمون الذين اخذوا ما يمكن اخذه اقول: سنتعقبكم وسنجدكم ونتهمكم ونعاقبكم.. ستدفعون ثمن ما فعلتم." ولم يلق قادة الشرطة بالا للانتقادات التي وجهها كاميرون لرد الفعل الاولي للضباط اذ قال هيو اورد رئيس رابطة كبار ضباط الشرطة "واجهت الشرطة موقفا لم يسبق لها ان جابهته.. إنها ظروف لا مثيل لها." واضاف إن الامر يتطلب "مناقشات صريحة" مع الحكومة بشأن خطط خفض الانفاق. وشاعت مشاعر مروعة بالصدمة بين البريطانيين وهم يرون مشاهد اضطرابات الشوارع على الطبيعة مثل لقطات تلفزيونية لضرب مراهق ماليزي وصورة امرأة تقفز للنجاة من مبنى محترق. وقال مسؤولون اليوم إن رجلا عمره 68 عاما تعرض للهجوم وهو يحاول اخماد حريق اشعله مثيرو الشغب في لندن الاثنين الماضي توفي متأثرا باصابته في الوقت الذي فتحت فيه الشرطة تحقيقا في الواقعة. واعتقلت الشرطة أكثر من 1200 شخص في انحاء انجلترا وغصت الزنازين بالسجناء مما اضطر المحاكم الى العمل طوال الليل لبحث مئات القضايا. ومن بين الذين وجه اليهم الاتهام فتى عمره 11 عاما. واقترح كاميرون زعيم الحكومة الائتلافية المكونة من حزبي المحافظين والديمقراطيين الاحرار وهو يدافع عن خفض تمويل الشرطة في مواجهة انتقادات من ميليباند منح الشرطة مزيدا من السلطات التي تشمل حق مطالبة الاشخاص بنزع غطاء الوجه اذا تم الاشتباه بهم في جرائم. وقال كاميرون أنه سيبقي على وجود أكبر للشرطة بقوة 16 ألف ضابط في شوارع لندن خلال مطلع الأسبوع المقبل وسيبحث الاستعانة بالجيش للقيام بدور ثانوي لدى وقوع أعمال شغب في المستقبل حتى تتفرغ الشرطة للمواجهة. ووعد أيضا بدفع تعويضات للاشخاص الذين تضررت منازلهم ومتاجرهم في أعمال الشغب حتى وإن كانت غير خاضعة للتأمين. واندلعت الاضطرابات في البداية في شمال لندن بعد ان أطلقت الشرطة الرصاص على رجل اسود. ثم تحولت الاضطرابات بعد ذلك الى أعمال نهب وعنف واسعة النطاق. ويشعر الزعماء البريطانيون بالانزعاج من ان اعمال الشغب يمكن ان تضر بالثقة في الاقتصاد وفي لندن وهي من أكبر المراكز المالية في العالم.