تسامر الصديقان الحميمان يتحدثان عن الحظ في الحياة، وكيف أن بعض الناس تعلو بهم حظوظهم، في حين يلاحق النحس آخرين فيذوقون مرارة الشقاء ولا يبتسم لهم الحظ أبداً، فيرفعون راية الاستسلام أمام قساوة الظروف حيناً، ويقررون ركوب الصعب حيناً آخر... وهكذا تمضي بهم الحياة!
اعتدل الآخر في جلسته وقال لصديقه: «بدأت فكرتي تتغير... ألم أخبرك بذلك؟ أصبحت الآن مقتنعاً بأن ليس الحظ هو الذي يجلب السعد والهناء... تبدلت فكرتي يا حبيبي... أنا اليوم مقتنع تمام الاقتناع بأن التوفيق من الله سبحانه وتعالى هو الذي يجب أن نؤمن به ونبتغيه، لا أن نجري وراء استقطاب الحظ».
أجابه الأول ملتمساً المزيد من التوضيح، قائلاً: «آه.. لقد تغيرت فكرتك اذاً! أنت الآن مواطن يبحث عن التوفيق من الخالق حتى يتمكن من العيش مرتاح البال، فلا يشغل باله بقائمة من الأقساط والالتزامات، ولا يحزن لتعطل معاملة في ادارة حكومية، ولا ينتظر واسطة تسرع طلبه الإسكاني... جميل جميل... علمني إذاً كيف استطيع أن أبحث عن التوفيق».
رمقه صديقه بنظرة عطف وقال له: «عش أنت وفي قلبك ثقة بالله، وستجد الخير الكثير... صدقني لقد فعلت وشعرت بالتغيير في حياتي... في الماضي كنت الهث وراء المسابقات في أكبر المحلات التجارية بحثاً عن كوبون سعيد الحظ لكي أفوز بسيارة بدلاً عن هذه السيارة (القرمبعة) التي صرت استحي منها، وصرت امسح البطاقات التي تخبئ الجوائز الثمينة... ولم أفز الا مرتين في حياتي: المرة الأولى حينما اشتريت علبة مشروبات غازية ووجدت فيها جائزة هي عبارة عن وجبة مجانية في أحد مطاعم الوجبات السريعة، والمرة الثانية عندما تناولت آيسكريم (بوخمسين فلس) ووجدت على العود عبارة مكتوب عليها: «آيسكريم مجاني»... حتى حينما امتلك بضع دنانير فإنني اشتري شهادات «بنكية» رغبة في الفوز بمبلغ جيد يغطي بعض الديون... كل تلك المحاولات باءت بالفشل ولكنني نجحت في اقناع نفسي بأن كل خطوة اخطوها يجب أن أكون فيها متكلاً على الله، ولكن مع نية العمل الجاد والمخلص».
شعر الاثنان بالسعادة، ولماذا يعيش الإنسان مهموماً حالماً بالكنوز والأموال والهناء من خلال كوبونات الشراء أو السحوبات أو البطاقات الرابحة، يكفي أن يقتنع بما كتب الله له ويسعى لتغيير حاله، وسيكون الله حتماً معه.
شعر الاثنان براحة نفسية فقررا قتل الوقت بالمشي في أحد المجمعات للترفيه عن النفس، وفي تلك الأثناء، وقف أحدهما يقرأ إعلاناً كتبت عليه عبارة: «قروض ميسرة واقساط مريحة لبناء بيت العمر والدراسة والزواج وشراء سيارة»... نظر الى صديقه وقال: «ساعدني رحم الله والديك واسندني، فإنني أكاد اسقط من ثقل الأقساط والقروض... ولكن صديقه وجد نفسه محتاجاً إلى من يسنده... كان الله في العون
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1379 - الخميس 15 يونيو 2006م الموافق 18 جمادى الأولى 1427هـ