على امتداد السنوات العشر الماضية عرفت المنطقة العربية مجموعة لا بأس بها من مشروعات التجارة الإلكترونية بعضها كان موجها لأداء عمليات التحويلات التجارية بين الشركات ذاتها (B2B) وبعضها الآخر اختار نموذج مزاولة التجارة بين الشركات والزبون الفرد (B2C) ولم يخلُ الأمر من بعض محاولات جمعت بين الاثنين.
وفي الاتجاه نفسه، ولكن ربما بوتيرة أسرع، عرفت المنطقة العربية أيضا، مشروعات مشابهة لبناء منصات الحكومات الإلكترونية التي كان من بين الخدمات المفترض فيها أن تقدمها هي التحويلات المالية بين المواطن والدولة (C2G) والعكس أيضا (G2C).
ومن المعروف أن الأسباب الكامنة وراء ترويج تلك المنصات أو النجاح المحدود الذي حققه البعض منها مثل تجاري في دبي (www.tijari.com) وبوابة بلدية دبي، كانت سياسية أكثر من أي شيء آخر.
بالطبع هناك أسباب كثيرة أخرى تكمن وراء حالات الفشل أو النجاحات المحدودة تلك، علما بأن شركات ومؤسسات مالية عالمية من أمثال كوميرس وان (commerce1) وبنك هونغ كونغ قد شاركت فيها بشكل مباشر أو غير مباشر. لكن ما يمكننا قوله هنا هو أن تلك الأسباب جميعا كانت عدم نضج السوق من جهة، وعدم التوصل إلى النموذج التجاري الناجح القابل للنمو من جهة ثانية.
ولربما حان الوقت اليوم أكثر من أي وقت مضى للنظر جديا في بناء سوق إلكترونية عربية أو حتى خليجية - على صعيد رأس المال وجلب التحويلات التجارية - تشكل منصة مناسبة لتجارة إلكترونية مجدية استثماريا. ولعل أول خطوة على هذا الصعيد، هي الاطلاع على تجارب ناجحة في مناطق أخرى من العالم، ومتابعة اتجاهات هذه السوق في مناطق أخرى بما فيها تلك المتقدمة تقنيا كالسوق الغربية.
ومتابعة حركة التجارة الإلكترونية في العالم الغربي تشير إلى أن قطاع السفر هو الأكثر رواجا في تلك السوق والأسرع نمواً على صعيد التعامل الإلكتروني. فقد ورد في دراسة نشرها دينس شال (Dennis Schaal) على موقع السفر الأسبوعي1] استقى فيها معلومات من مؤسسة فورستر للأبحاث، أن مبيعات سوق السفر الترفيهي عبر الإنترنت ستصل إلى نحو مليار دولار، أما على الصعيد الأوروبي فقط فتشير دراسة قام بها كارل ماركيوسن وهو أحد كبار الباحثين في المعهد الإقليمي لدراسات السياحة في الدنمارك2] ، في نهاية أبريل/ نيسان من هذا العام إلى تنامي قطاع السفر والسياحة في أوروبا على الإنترنت خلال العامين - 5002، فقد وصلت في الدول الأوروبية إلى , بليون يورو في العام ، بنمو نسبته , في المئة. ومن المتوقع أن ترتفع النسبة لتصل إلى في المئة خلال العام لتصبح قيمتها , مليار يورو. وتذهب الدراسة في توقعاتها التفاؤلية، فترى أن السنوات التي تلي قد تعرف تحويلات سوق السفر الإلكترونية الأوروبية زيادة تقدر بنحو إلى , مليارات يورو (انظر الجدول رقم ، يشكل البيع المباشر النسبة العظمى منها (66 في المئة) والبيع عبر الوسطاء (43 في المئة) كما هو مبين في الجدول رقم . ويحظى السفر عن طريق الجو بنصيب الأسد (65 في المئة)، يليه الفندقة (61 في المئة)، ثم البرامج السياحية (61 في المئة)، القطارات (01 في المئة)، وتأجير السيارات (2 في المئة).
عقبات أوروبية
على رغم هذا النمو الملحوظ في هذه السوق، لكن هناك بعض العقبات، بعضها فني، وبعضها الآخر سياسي التي من شأنها تحجيم هذه السوق أو الحد من نموها المتوقع والمطلوب على الصعيد الأوروبي. فهناك بعض العقبات الفنية المتعلقة بالبرمجيات والتطبيقات أو حتى نظم التشغيل ذات العلاقة بهذه السوق والتي لاتزال حتى الآن غير قادرة على مخاطبة بعضها بعضاً بالكفاءة والمرونة المطلوبتين.
إلى جانب ذلك، هناك الجانب السياسي المتعلق بمصادر الأموال المحولة ومدى خضوعها لقوانين غسل الأموال، وارتباط كل ذلك بما أصبح يطلق عليه قوانين محاربة الإرهاب المعمول بها في الأسواق الأوروبية. وفوق هذا وذاك هناك قوانين الملكية الفكرية التي تبرز في الكثير من عمليات التحويل ذات العلاقة بهذه السوق والتي لم تقنن حتى الآن والتي قد تحتاج إلى بعض الوقت من أجل تنقيحها ووضعها في صيغتها الملائمة والفعالة.
كانت تلك نظرة عامة حول سوق أوروبا الغربية، لكن ما هو يا ترى واقع السوق الأميركية... ما هو حجم هذه السوق... وما هي معدلات النمو التي شهدتها خلال السنوات الماضية وتلك التي ستشهدها خلال السنوات المقبلة؟ هذا ما ستعالجه الحلقة الثانية من المقال
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1379 - الخميس 15 يونيو 2006م الموافق 18 جمادى الأولى 1427هـ