ربما قليل جداً قد سمع بهذا الطير ورآه، وذلك لندرته، فهو يعيش عادة في الخلاء ويوجد بين جزر البحرين المتناثرة. وقد شاهده الأخ خليفة اللحدان في جزيرة «جدة» حين كان يقضي عقوبة السجن لخمسة عشر عاماً لأنه ساهم في الانقلاب المزعوم الذي دبره ستة من الجنود في قوة الدفاع في العام . نعم... جنودٌ يدبرون انقلاباً. وهو يشبه إلى حد ما العقاب أو «أبوحكب»، لكنه يتميز عن سائر الطيور بأن له ما يشبه الشوارب على جانبي منقاره كأبوالعريس أو السنجاب.
ولكن الأهم من كل ذلك كيف يصير هذا الطائر صديقاً للذئب، الذي لا يصادق أحداً ولا يصاحب أحداً إلا من هم من فصيلته، وقد عجزت كل الأساليب والحيل في تطويعه أو ترويضه، إذ استطاع الإنسان أن يخضع ملك الغابة (الأسد). ولكنه لم يقدر على إخضاع الذئب. ولعل المزاج الشعبي أو ذاك الذي اختار لنادي المحرق العتيد العنيد والذي لا يقبل الهزيمة أبداً وبأي حال من الأحوال، لعله خطف تلك الصفة في الذئب، وربما أيضاً اختيار رأس الذئب شعاراً لأحد المشروبات التي يصفها متعاطوه بالغدار سبب آخر، لكن كيف يصاحب مسمى الرعيان الذئب؟ هذا ما تتكفل بروايته الحكاية الشعبية.
تقول الحكاية إن مسمى الرعيان يشترك مع الذئب في إحدى صفاته وهي الحيلة، فهو يخط قريباً جداً من الراعي فيقترب منه الراعي، وبينما يوشك الراعي على الإمساك به يفلت بخفة من بين يديه ويحط قريباً، فيلاحقه الراعي وهو يكرر العملية حتى إذا ما ابتعد الراعي بعيداً عن اغنامه وجد الذئب فرصته فأنقض على القطيع وفتك به.
والحكاية لا تتوقف هنا، لأنه لابد أن تلتفت إلى عنصر مهم في عملية الرعي. والسؤال هنا: ترى، أين هو كلب الراعي الأمين؟ وتجيب الرواية للحكاية وتقول إن الكلب الأمين مشغول بطرد الذبابة اللعينة التي تعمل فيه عضاً يميناً وشمالاً وهو يلاحقها بفكه ويعوي كلما قرصته قرصةً لتمتص دمه.
ويكون المشهد كالآتي: الراعي وقع في حيلة مسمى الرعيان، والذئب يفتك بالقطيع، والكلب الأمين المسكين مشغول بطرد الذبابة/البرغوث عن نفسه.
رحم الله جدتي أم كماشه أم عبدالرحمن فقد روت لي يوماً هذه الحكاية على أحد أسياف حالتنا في المحرق
إقرأ أيضا لـ "عبدالله مطيويع"العدد 1379 - الخميس 15 يونيو 2006م الموافق 18 جمادى الأولى 1427هـ