على رغم محاولات بعض أصحاب النوايا السيئة التقليل من شأن مبادرة المصالحة الوطنية التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فإنها في الحقيقة كانت بمثابة «البلسم» الشافي للأمراض التي يعاني منها هذا البلد. فقراءة بسيطة لبنود المبادرة التي تضمنت نقطة حيوية ومثلت نجاحاً آخر للحكومة، شخصت بمبضع جراح ماهر أبرز المشكلات التي يعاني منها العراق، وكانت سبباً مباشراً في الأزمة السياسية والأمنية التي يعاني منها، بدءاً من حل الميليشيات الحزبية المسلحة التي استفحل أمرها كثيراً حتى باتت تشكل تحدياً خطيراً لهيبة الدولة، مروراً بهيئة اجتثاث البعث «سيئة الصيت» التي كانت سيفاً مسلطاً على رقاب ملايين العراقيين الذين أجبرتهم الظروف الاقتصادية أو الخوف من النظام السابق على الانضمام إلى حزب البعث. كذلك الحوار مع الأطراف التي مازالت خارج العملية السياسية بإرادتها، وليس انتهاءً بإطلاق سراح آلاف المعتقلين غير الملطخة أيديهم بدماء العراقيين من السجون والمعتقلات العراقية والأميركية.

لقد قطعت الحكومة العراقية بهذه المبادرة أكثر من نصف الطريق لإثبات حسن النية للطرف الآخر، الذي عليه أن يقطع النصف الآخر من الطريق لمقابلة الحكومة في المنتصف، فهذه المبادرة فرصة ذهبية لمن يدعي الحرص على وحدة وسلامة وأمن العراق وشعبه، وعليه أن ينتهزها قبل فوات الأوان، فقد تغيّرت قواعد اللعبة