العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ

أبوقدامة وتنابلة السلطان!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت السلطات العراقية أمس الأول أنها اعتقلت تونسياً وصفته بأنه «أبرز منفذ لتفجير مرقدي الإمامين العسكريين» في فبراير/ شباط الماضي. ونقلت الوكالات عن مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي، أن «أبوقدامة التونسي» اعتقل شمال بغداد، وأنه اعترف بدخوله العراق في نوفمبر/ تشرين الثاني ، ومشاركته في تفجير المرقد الشريف، وفي قتل مئات العراقيين في محافظات الموصل والرمادي وبغداد. وكشف الربيعي أن التفجير نفذته مجموعة من القاعدة من أربعة سعوديين وعراقيين اثنين وتونسي.

التفجير أسفر عن هدم جزءٍ كبيرٍ من ضريح الإمامين، وعن هدم جزءٍ كبيٍر أيضاً من ثوابت التاريخ العراقي، ودفع العراق خطوات باتجاه حرب طائفية عمياء، وأسهم في إطلاق موجات انتقام وتهجير متبادل مازالت تداعياته تتفاعل حتى الآن، في سلسلة من ردّات الفعل، تمثلت في الاعتداء على مساجد للسنة والشيعة، لم تنجح في إيقافها فتاوى المرجعيات الدينية بتحريم مثل هذه الاعتداءات والتجاوزات.

الضريح يضم اثنين من أئمة أهل البيت النبوي الشريف، من أحفاد نبي الأمة (ص)، وكان يقوم على رعايته وإدارة أوقافه أهل السنة في سامراء منذ قرون، ويقرأون تراتيل الزيارة للزوار الشيعة ويستضيفونهم في فنادقهم وبيوتهم، في معادلة إسلامية يحكمها التسامح وروح الإخاء. هذه المعادلة كان مقدّراً لها الاستمرار طويلاً، لولا السياسة الأميركية الحمقاء التي حوّلت العراق إلى ساحةٍ مفتوحةٍ تجتذب أنواع الإرهاب والإرهابيين كافة للإقتتال وتصفية الحسابات. فمن إفرازات واقع الاحتلال، ظهر من أهالي تلك المدينة نفسها «أمير» في تنظيم القاعدة، تربطه علاقات بأنصار النظام السابق، ليقوم بقتل مراسلة قناة «العربية» أطوار بهجت، في فبراير الماضي، بعد أن ترصّد لها وهي تجري اتصالات قرب محطة للوقود لنقل وقائع تفجير المرقد الشريف بحسب اعترافات التونسي الدخيل المتطفل على تاريخ العراق. وقد عُثر يومها على جثث ثلاثة صحافيين عراقيين يعملون لدى «العربية» بعد خطفهم بالقرب من سامراء.

أحد جوانب مأساة العراق اليوم استرخاص سفك الدم العراقي يومياً ليس على يد المحتل الأميركي البشع فحسب، بل على أيدي «الوافدين العرب»، الذين يقتلون في حربهم العبثية خمسين عراقياً يومياً مقابل كل جندي أميركي. وما يديم هذه المأساة التي لن ينساها العراقيون للمتطفلين العرب، موقف الإعلام العربي وفضائياته، التي لا تكتفي بالتفرج على ما يجري، بل تروّج لعمليات القتل والتخريب والتفجير وإثارة الفتنة الطائفية وتمجيد قتلة الشعب العراقي.

في هذا السياق الإعلامي العبثي المجنون، كتب أحد تنابلة السلطان قبل فترة يستخف دمه الثقيل، مقدماً تهنئةً حارةً للمهاجر (خليفة الزرقاوي)، وبلغةٍ سوقيةٍ ركيكةٍ ابتدأ مقاله قائلاً: «استشهد الزرقاوي بعد أن جنن أكثر من ألف جندي أميركي ولعب بحسبتهم»! ولم يذكر هذا «التنبل» آلاف العراقيين الذين سفك الزرقاوي دماءهم ومزق أشلاءهم في شوارع المدن العراقية. بل ويسدر هذا التنبل الأحمر المتقاعد في وقاحته بالتلاعب بالقرآن حين يستشهد بالآية الكريمة: «كم من فئة قليلة...»، مستشهداً أيضاً ببيت الشاعر: «إذا مات منا سيدٌ قام سيد...»، فيصنّف نفسه ضمن جوقة من وصفهم في المقال نفسه بـ «الدراويش» الذين دوخوا أميركا، مع أنه لم يدوّخ نملةً في حياته!

مقالاتٌ مهترئة، (تفشل) الصحافة والإعلام البحريني، تدلّ على دخول مرحلة «الخَرَف»، يترحّم «تنبلٌ» آخر على «الزرقاوي الذي ذهب مغدوراً»، ولكن لا يرف له جفن وهو يرى يومياً أشلاء عشرات الضحايا العراقيين من ضحايا «الدراويش»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً