العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ

علم الدين عند النساء ودورهن في الوحدة الأوروبية

ليلى زكية منير comments [at] alwasatnews.com

.

عقد في روما بإيطاليا أخيراً مؤتمر لعالمات الدين الأوروبيات تم تنظيمه تحت عنوان مثير للفكر «العالمات الدينيات، أي نوع من أوروبا؟»، والسؤالان الرئيسيان هما: ما هو دور عالمات الدين في عملية توحيد أوروبا؟ وما نوع أوروبا التي يرنين إليها؟

المؤتمر الذي شاركت فيه نحو امرأة بسط آراء عالمات معظمهن من النساء والأكاديميات عن نضالهن لتحرير المرأة من التعاليم الدينية التمييزية.

«منورة ومدهشة» عبارة يمكن أن تصف أفكارهن جيدا. قمن بتحليل الأفكار الدينية التي تميز ضد المرأة وطرحن الأسئلة عنها بذكاء وأسلوب ناقد.

مثلاً، بحثت المشاركات موضوع خلق المرأة من ضلع آدم، ووصف المرأة بالإغواء وما نتج عن ذلك من مفهوم الخطيئة الموروثة، ووضع المرأة الذي يماثلها بالعبودية أو قضية ازدواج الإلهية عند المرأة: الزوج هو إله ثان عندها.

مثال آخر أعربت عنه عالمة دينية تحمل شهادة الدكتوراه وتقوم منذ سنوات بتدريس رجال الدين المسيحي التلاميذ. قالت برعب «أنا أدارس رجال دين المستقبل، ولكنني لن أصبح سيدة دين أبداً».

ما هو دور عالمات الدين في عملية التوحيد الأوروبية؟ بدءاً بالمصالح الاقتصادية (الفحم والحديد) تقود عملية التوحيد نحو أوروبا موحدة جغرافيا وسياسيا واقتصاديا ولكنها تبقى تحترم الثقافات وأساليب الحياة المتنوعة للأفراد والأسر والمجتمعات.

إنها أوروبا إذ «لا يستثنى أحد بسبب العرق أو النوع الاجتماعي أو الدين أو الأصل... إلخ: أوروبا تحترم حقوق الإنسان وتبرز فيها السياسة الاجتماعية» (البيان الاجتماعي للاتحاد الأوروبي).

نضال عالمات الدين من أجل تشجيع المساواة في النوع الاجتماعي وحقوق المرأة يشكل مساهمة مهمة نحو تحقيق الرؤية المذكورة أعلاه، وهن يتابعنها من خلال التحول من داخل نظامهن الديني.

بحث تحرر المرأة الديني يبدأ بجعل علم الدين واقعيا بحيث يبنى على الوقائع الاجتماعية ويتجذر في المشكلات الإنسانية. علم الدين يجب أن ينشغل بالمعاناة البشرية ويصبح قوة لتنوير البشر وتحريرهم، بمن فيهم المرأة، من أنواع الظلم والقهر كافة.

علم الدين المتجذر في المشكلات الإنسانية يؤدي إلى التحرير والتمكين ويدعم المقهورين والمميز ضدهم. وهو أيضا مفتوح على الناس من العقائد الأخرى، المستقلين للإنصات والتعلم منها، واحتمال العمل معا على قضايا ذات اهتمام مماثل. الناس يواجهون مشكلات متماثلة بغض النظر عن إيمانهم وقد يحتاجون إلى أن يعملوا معا. علم دين تحرير المرأة يحتاج إلى أن يتم تشجيعه بشكل متواصل. الدرس الأهم الذي تعلمته من المؤتمر قد يكون وعياً أعمق بالفجوة الواسعة بين التعاليم الإسلامية وممارستها في المجتمعات الإسلامية.

علم الدين الإسلامي، المعروف بالتوحيد (وحدوية الله تعالى) يعلمنا أن جميع البشر متساوون أمام الله تعالى، بغض النظر عن النوع الاجتماعي أو العرق أو الأصل أو الوضع الاجتماعي، ما يميزهم هو درجة مخافتهم الله.

هذه التعاليم تدعمها آيات كثيرة من القرآن الكريم والتي تذكر بوضوح المساواة بين المرأة والرجل وتضمن حقوق المرأة الرئيسية. بالنسبة إلى موضوع الخلق مثلا فإن القرآن الكريم لا يذكر أبدا موضوع ضلع الرجل، وإنما يقول إن المرأة والرجل خلقا من نفس واحدة.

بالمثل، فإن طرد آدم وحواء من الجنة لا تلقى فيه اللائمة على حواء. القرآن الكريم يذكر بوضوح أن كليهما تعرض للتجربة من قبل الشيطان وارتكب الخطيئة، ثم تابا وعفا الله عنهما.

القرآن الكريم واضح من حيث أن من يرتكب أعمالا حسنة يكافأ ومن يرتكب الخطيئة يعاقب، رجالا ونساء. هناك آيات أخرى كثيرة تشير إلى المساواة بين المرأة والرجل، كعبد وخليفة (ممثل الله على الأرض).

القرآن جميل جدا وخصوصاً فيما يتعلق بمهمته في تحسين وضع المرأة والحفاظ على كرامتها، ولكن كم هو الفارق كبير في الواقع. ليس سرا أن وضع المرأة المسلمة في الكثير من مناطق العالم متخلف عن وضع بقية النساء في العالم. أبرز المشاركون سورا قرآنية تخاطب هذه القضايا وترفض التمييز والتهميش باسم الدين.

حان الوقت لأن يتم تشجيع علم الدين المتعلق بتحرير المرأة في الإسلام.

ملاحظة: ليلى زكية منير زميلة بحوث في برنامج الإسلام وحقوق الإنسان بجامعة ايمري بأتلانتا جورجيا في الولايات المتحدة، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومون غراوند»

العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً