هذه المداخلة ألقيت في منتدى قناة «العربية» بعنوان: «تحديات العمل الإعلامي بين الجامعة والميدان»، وال
هناك تفاعل وتكامل وتزاوج بين ميادين الاتصالات والإعلام السمعي البصري والإعلامية، خصوصا مع تعميم البث عبر الأقمار الاصطناعية الجغراثابتة. مع وجود تحولات عميقة في مهن الإعلام على المستويات التكنولوجية والاقتصادية والمهنية والتنظيمية.
- منذ دخول الإعلامية في مهن الإعلام تحولات جذرية طرأت في كامل حلقة انتاج الأخبار من المصدر إلى الأرشفة مروراً بالمعالجة والتوزيع وحتى الالتقاط والاستهلاك.
- اتجاهات عميقة:
أ- تقارب وتكامل بعض المهن وسقوط بعض الحدود بين بعض المهن الصحافية والمهن التقنية.
ب- انقراض بعض المهن، وخصوصاً التقنية.
ج- بروز مهن جديدة لم تعرف من قبل.
- وخصوصاً الدخول في ثقافة جديدة ألا وهي ثقافة العمل الجماعي عبر الشبكات.
- وحدت الإعلامية كامل العناصر التي تدخل في مكونات العمل الإعلامي: النص، الصوت، الصورة، الخرائط، المعلومات البيانية المصاحبة (Metadadas).
ووحدتها في وحدة قياسية واحدة: اللغة الرقمية الثنائية: صفراً أو واحد.
- فسقطت الحدود:
- الحدود بين الآلات انتاجاً وتخريناً.
- الحدود بين المهن.
- الحدود بين المراحل الإنتاجية.
- الحدود بين مواقع القرار والسلم الهرمي للمسئولية، ما يشكل نزاعات جديدة على السلطة داخل أسرة الإنتاج.
- الحدود بين المكاتب إذ سقطت الجدران في قاعة التحرير فأصبحت فضاء واحداً مفتوحاً (open space).
- الحدود الجغرافية في التغطية الإعلامية عبر الأقطار والقارات.
- الحدود الزمنية في ساعات البث التي أصبحت على مدار الساعة.
- حدود الوجود المادي للمكتب نفسه الذي أصبح افتراضيا بحيث يمكن للصحافي أن يشتغل من أي مكان.
- الحدود بين «الباث» التقليدي و«المتلقي» التقليدي إذ أصبح الجمهور قادراً على الإنتاج والبث والتوزيع العالمي عبر شبكة الانترنت مثله مثل الشركات والمؤسسات الكبرى.
- الحدود في الاتجاه الاحادي لعملية الاتصال إذ أصبحت التفاعلية ممكنة بين الباث والمتلقي.
- الحدود بين وسائل الإعلام نفسها من صحافة وإذاعة وتلفزيون وانترنت وهاتف جوال.
إنها ثورة «ثقافية» تشابه عصر اكتشاف الطباعة وتعميم العلم على العدد الأكبر بعدما كان محصورا في فئة قليلة من العلماء ورجال الدين.
تحول مهن الإعلام
النتيجة الأساسية على مهن الإعلام: تغير الحدود بين المهن والوظائف.
- استوجب على الصحافي اتقان مهارات جديدة على الصعيد التقني علاوة على مهاراته الكلاسيكية في العمل الصحافي.
- مهارات تخص السيطرة على الآلة من ناحية ومهارات تخص صوغ الخبر إلى أكثر من وسيلة من ناحية أخرى (إذاعة وتلفزيون، وموقع واب وأخبار عاجلة (News Alert) وحتى صحافة مكتوبة).
- مهارات جديدة في كيفية الكتابة الإعلامية بحسب ما تقتضيه المعالجة الالكترونية للأخبار وبرامج البحث والتخزين وبنوك المعلومات بحيث يمكن استعمال ذلك التحرير في أكثر من وسيلة إعلامية وبأسرع وقت.
- مهارات أخرى في التسويق Marketing و«تغليف» السلع القديمة في ملابس جديدة!
- مهارات جديدة في البحث عن الخبر وفي التعامل مع الانترنت واستعمال سيول (Really Simpe Syndication) RSSواستعمال تقنيات Push» عوضا عن «Pull».
- انقراض بعض المهن
أمثلة في الصحافة المكتوبة: المصفف، سكرتار التحرير، المصحح أو المدقق، Stno.
أمثلة في التلفزيون: ملتقط الصوت، مازج الصوت(Mixage)، المصور عند اللجوء JRI (الصحافي المصور)، المنتر (Monteur) في تركيب الأخبار التلفزيونية...، ... Telecinema.
- بروز بعض المهن الجديدة:
Scanneriste
تقني flashage
graphiste
infographe
iconographe
designer
صحافي أو مختص في التوثيق، باحث عن المعلومات «recherchiste»
- تغير الزاد اللغوي للمهن
من Magneto إلى VTR.
من «ركن» صحافي (Rubrique) إلى Sequence.
- تحول كيفية الكتابة والعنوان والإخراج الصحافي.
- ثقافية «clip» و«zapping» عند المتلقي.
- أهمية المصالح التجارية Services Marketing في تحديد الخط التحريري (Ligne editoriale) واختيار موضوعات الغلاف أو الصفحة الأولى.
- بروز سياسةMarchandising في التوزيع ومرافقة المنتوجات الأخرى للمنتوج الإعلامي من كتب وتسجيلات موسيقية وأفلام على أقراص... DVD.
- بعض الجوانب السلبية لهذه التحولات
تقلص دور العمل الميداني بالنسبة إلى التغطية الخبرية.
تقلص الوجود داخل قاعات التحرير واللجوء إلى العمل عن بعد ما يقلل من البعد الإنساني داخل الأسرة الصحافية.
السرعة في العمل التي تؤدي إلى التسارع والسقوط في أغلاط مهنية فادحة.
الانزلاقات المهنية التي تنال من أخلاقيات المهنة «والسرقات» والانتحالات لانتاج الغير وعدم احترام حقوق التأليف.
التلاعب بالصور والحوادث و«فبركة الوثائق المزيفة» باللجوء إلى إمكانات البرمجيات الإعلامية.
الرهانات المطروحة في إعادة التأهيل
- أهمية الموارد البشرية بالنسبة إلى المؤسسات الإعلامية.
- ضرورة الوقفة النقدية لمردود المحيط الأكاديمي في تكوين المهارات الإعلامية والإنتاجية.
- يجمع الوسط المهني على فشل المعاهد الجامعية والكليات في توفير المهارات المطلوبة في مجال الإعلام.
- لماذا؟
- ما هو جواب المحيط الأكاديمي؟
- هل هي قطيعة بين الجامعة الماكثة في برجها العاجي والأوساط المهنية؟
- هل هي قطيعة بين سوق الشغل والشعب الأكاديمية؟
إن المحيط الأكاديمي مساءل على خمسة مستويات:
- طريقة انتقاء الطلبة.
- طريقة تكوين وانتداب الأساتذة والمكونين.
- محتويات برامج التكوين.
- العلاقة والشراكة مع المؤسسات الإعلامية وعالم الشغل.
- البحث التطبيقي بحسب حاجيات ومتطلبات القطاع.
- طريقة انتقاء الطلبة:
- قضية كم أو كيف؟ كيف نختار الطلبة؟
- ماهي المؤهلات المطلوبة؟
- أهمية الدوافع الشخصية في اختيار هذه المهنة.
- أهمية الاتقان اللغوي.
- أهمية الفضول والتفتح على الآخر (empathie).
- أهمية الثقافة العامة.
- انتداب أسرة التدريس:
- هل نحافظ على الطريقة الأكاديمية التي لا تعطي أهمية إلا للشهائد الجامعية و«الدكتوراه».
- مشكلة «الانتداب الذاتي» (Autorecrutement) التي يتمثل في انتداب خريجي المعهد كأساتذة بعد اجتيازهم مرحلة الدكتوراه دون أن يمارسوا المهنة.
النتيجة: أصبحت معاهد الإعلام كليات للاتصال ولطرح النظريات الأكاديمية بعيدة كل البعد عن الممارسة المهنية.
- على مستوى البرامج:
- أي معادلة بين النظري والتطبيقي؟
- «رأس ملآن» أو «رأس مصقول»؟
- هل نبجل «العلم» (savoir) على «المهارة» (savoir faire) وعلى كيفية التعايش مع الآخر (savoir-etre)؟
- وقضية اللغات، كيف نعالجها؟ وكيف ندرسها؟
- قضية التخصص بحسب ميدان الثقافة العامة (اقتصاد، سياسة، ثقافة...) أم بحسب الوسيلة (وكالة، صحافة، إذاعة، تلفزيون، انترنت...).
كنا منذ سنوات من مشجعي التخصص في السنة الأخيرة من الدراسة بالجامعة ولكن التحولات التكنولوجية زعزعت هذا الاعتقاد وجعلتنا نراجع أنفسنا، وذلك لأهمية تعدد المهارات التقنية المطلوبة من الصحافي اليوم من ناحية ووجوب معالجة أي ميدان من الحياة عند الاقتضاء من ناحية أخرى. في مجال برامج تكوين الصحافيين من الذي وجد المادلة السحرية؟
العلاقة بين المحيط الأكاديمي والمهني
ومن ناحية أخرى نلاحظ حالياً وجود نوع من القطيعة بين الوسط الأكاديمي ولاسيما منه الجامعي البحت والوسط المهني لمؤسسات الإعلام.
وقد تأتي هذه القطيعة من بعد أسرة الإعلام الأكاديمية عن المهنيين وعن ممارسة المهنة، فإن جلبت الجامعة المهنيين إلى أسرة التدريس (ولو على فترات) لأمكن الالتحام والتلاقي.
ونرى أن معاهد التكوين في الولايات المتحدة تلجأ بصفة مكثفة لاستعمال المهنيين في التدريس في صفوفها.
كما نلاحظ قلة اعتناء وسائل الإعلام بفترة تدريب (stage) الطلبة داخل أسرة التحرير وقد يصعب تنظيم مثل هذه الفترات التدريبية إن كثر عدد الطلبة مثلما هو حال تونس ( طالب بمعهد الصحافة).
البحث التطبيقي
نلاحظ تباعد موضوعات البحوث والأطروحات عن الواقع المعاش للوسط الإعلامي ولحاجيات المؤسسات الإعلامية، فكثيرا ما تكون البحوث أكاديمية ونظرية لا تنفع وسائل الإعلام في تحسين مردودها وإنتاجاتها.
بينما تحتاج هذه الأخيرة إلى البعد النقدي وللبحوث التطبيقية التي يمكن ترجمتها مباشرة في تحسين شبكات البرامج أو التفاعل مع الجماهير المستهدفة.
ومن ناحية أخرى لابد أن نعترف بأن النفاذ إلى برامج وأرشيف مؤسساتنا الإعلامية العربية ليس من السهل على الباحثين الشبان الذين ليست لهم أية علاقات مهنية داخل المحيط المهني.
فمجال البحث مجال آخر للعمل الجماعي والشراكة بين الوسط الأكاديمي والمحيط المهني لابد أن نعطيه الأهمية التي يستحقها.
- إعادة التأهيل
وصلنا الآن إلى دور المؤسسات الإعلامية في إعادة تأهيل كوادرها وتكوينها المستمر.
ومع الأسف، وبممارسة سنة على رأس المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين، يمكننا الإدلاء بشهادة متشائمة:
فعدد المؤسسات الإعلامية التي تملك مصلحة للتكوين والتي تستطلع حاجيات كوادرها في التكوين المستمر عددها قليل جداً. كما تعكف المؤسسة وخصوصاً القطاع الخاص على تحرير العون من عمله أثناء فترات التكوين.
فكثيراً ما تصرف المؤسسة الإعلامية أموالا طائلة على اقتناع أحدث التجهيزات والبرمجيات وقليلاً ما تخصص نسبة مئو
العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ