العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ

حرب كسر الاحتكار تندلع من جديد بين مايكروسوفت والاتحاد الأوروبي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بثت وكالة أنباء «رويترز» نقلاً عن صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية خبرا مفاده أن أعلى جهة في هيئة كسر الاحتكار التابعة للاتحاد الأوروبي تستعد لإصدار قرار تدين فيه عملاقة البرمجيات التي هي شركة مايكروسوفت، بتجاوزها قوانين كسر الاحتكار المعمول بها في الاتحاد.

ونقلاً عن أناس مقربين من الهيئة الأوروبية، تؤكد الصحيفة ان مايكروسوفت تجد نفسها مرغمة على دفع ما تربو قيمته على , مليون يورو في اليوم. ويمضي هؤلاء في القول إن الهيئة الأوروبية تعتقد أن مايكروسوفت فشلت تماماً في التقيد بقانون الاتحاد المناهض للاحتكار الصادر في العام .

ويتضمن القانون أمراً بأن تزود مايكروسوفت الشركات المنافسة بمعلومات كاملة وموثقة وصحيحة عن نظام ويندوز لتشغيل الحاسوب، وهو الموضوع الذي أدى إلى نشوب الخلاف. ومن جانبها، أكدت مايكروسوفت عدم استغرابها لما قامت به الهيئة الأوروبية بما في ذلك استدعاؤها - أي الهيئة - اللجنة الاستشارية لاجتماع لمناقشة الموضوع، وأشارت «إلى أنها أضافت مصادر غنية إلى تقرير التوثيق الفني لبرنامج التشغيل وأنها قدمت خمسة أجزاء من مكوناته، كما أن جزأين آخرين سيضافان في يونيو/ حزيران الجاري و يوليو/ تموز المقبل».

وألمحت مايكروسوفت أنها بذلك تكون أوفت بما جاء في متطلبات القانون الأوروبي، ولم يعد هناك ما يبرر تطبيق القانون عليها، وبالتالي فمن غير العدالة أو المنطق تغريمها أي مبلغ تحت دعوى مخالفتها للقانون.

وتنقل «الفايننشال تايمز» عن مصادرها المقربة من الاتحاد الأوروبي أن هذا الأخير على أبواب أن يقدم الاثنين المقبل مسودة قانون إلى هيئة المنافسة الوطنية، ومن المتوقع أن تتلقى مفوضة اللجنة الوطنية نيليي كروز (Neelie Kroes) ذلك القانون في يوليو المقبل، لكن المفوضة رفضت أن تبدي أي رأي بشأن التقرير أو حتى عن الموعد الذي ستتطق فيه هي بالحكم.

على صعيد آخر، يبدو ان لجنة الاتحاد تفكر جديا فيما إذا كان عليها أن تبدأ قبل نهاية شهر يوليو المقبل في تطبيق قانون الغرامة اليومية على شركة مايكروسوفت إزاء عدم تقيدها بقانون كسر الاحتكار. هذا ما نقلته الفايننشال تايمز عن أحد المديرين التنفيذيين في الاتحاد الأوروبي.

يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي غرم مايكروسوفت ما يربو على مليون يورو في العام .

خلفية الصراع

يعود تاريخ هذه القضية بين مايكروسوفت والاتحاد الأوروبي إلى ما يزيد على أعوام. ففي ديسمبر/ كانون الأول من العام كان الاتحاد الأوروبي رفض إعفاء مايكروسوفت من غرامات مخالفة قوانين كسر الاحتكار التي أصدرها بحقها في مارس/ آذار من العام ذاته، واعتبر ذلك حينها بمثابة صفعة كبيرة لمساعي مايكروسوفت الهادفة إلى وقف تنفيذ الحكم بحقها، لكنها وعدت حينها بمواصلة العمل من أجل وقف أو تأجيل تنفيذ الحكم.

واستند رئيس محكمة الاستئناف الأوروبية القاضي بوفيستيردورف إلى قرار من صفحة ليؤكد أن مايكروسوفت أخفقت في الدفاع عن قضيتها ومن ثم فينبغي تنفيذ القانون ضدها بحذافيره. ويقضي القانون أن تبيع مايكروسوفت برنامج التشغيل ويندوز من دون أن ترفق معه برنامج تشغيل الوسائط (Media Player)، إلى جانب إرغامها على الكشف عن أسرار بروتوكولات الاتصال، لكن كل ذلك لم يجعل مايكروسوفت تفقد أملها في أن تستأنف القضية امام محكمة الاستئناف الأوروبية العليا، مؤكدة أن ما كانت تقوم به حينها كان خطوات تؤكد تقيدها بقوانين كسر الاحتكار الأوروبية. بعض شركات البرمجيات الأوروبية وجدت في هذا الصراع فرصة مواتية للانتقام من مايكروسوفت. وبدا ذلك جليا في تصريح كارلو بيانا (Carlo Piana) أحد المحامين الأوروبيين الذين يمثلون مؤسسة البرمجيات المجانية في أوروبا (Free Software Foundation Europe) وهي مجموعة من مجموعات البرمجيات ذات الأصول المفتوحة (open-source group) التي تناهض مايكروسوفت في قضيتها هذه التي تخوضها ضد الاتحاد الأوروبي، إذ قال إنه يرى فيما يجري «انتصاراً ساحقاً للبرمجيات المجانية»، الذي اعتبر ذلك أيضاً «عرضاً حياً مباشراً يدلل على اننا على حق، وان السوق بات ينتظر مثل هذه الخطوة التي هي بمثابة العلاج الناجح».

من جانبها، أفصحت مايكروسوفت عن ارتياحها لسير القضية وأكدت انها ترى في بعض ما جاء على لسان القاضي فيستيردوف بصيصا من الأمل.

فتش عن «فيستا

بعيداً عن كل تلك الملابسات، يرى البعض أن ما أثار القضية من جديد ورفعها إلى السطح هو نية مايكروسوفت في إطلاق برنامجها الجديد للتشغيل الذي أطلقت عليه إسم فيستا (Vista)، الذي يتضمن إلى جانب برنامج تشغيل الحاسوب الكثير من الوظائف التي تشكل تهديداً مباشراً لصناعة البرمجيات الأوروبية.

وفعلاً فقد بدأت مايكروسوفت في توزيع نسخة تجريبية نهائية على عدد محدود من مطوري البرامج للأخذ بتقييماتهم وملاحظاتهم على البرنامج قبل إطلاق نسخته الأولى إلى الأسواق. ويبدو أن ردود الفعل كانت مشجعة.

ويتوقع الكثير أن يحمل هذا البرنامج الكثير من الوظائف الجديدة المتطورة غير المتوافرة حالياً في ويندوز إكس بي (Windows XP)، وخصوصاً أن الفترة التي انقضت بين صدور هذا البرنامج وآخر برنامج تشغيل أصدرته مايكروسوفت تعتبر أطول فترة تستغرقها الشركة في إصدار نسخة جديدة من برامجها التشغيلية، ومن ثم فمن المتوقع أن يثير هذا البرنامج المزيد من الجدل بشأن قوانين كسر الاحتكار. هناك أيضاً خدمات الويب الجديدة التي باتت تقدمها مايكروسوفت من خلال المكتب الحي (liveoffice)، الذي يوفر خدمات في غاية التطور من خلال الويب بما فيها إدارة المشروعات والبرامج (Project Management)، التي هي الأخرى حزمة من الرمجيات التي يعتبرها البعض خروجاً من مايكروسوفت على نطاق البرمجيات التي ينبغي أن تحصر نفسها فيها. فوق هذا، هناك المشاورات التي تدور هذه الأيام بين شركة مايكروسوفت وشركة الياهو (Yahoo)، من أجل التوصل إلى صيغة عمل تجاري مشتركة تناهض الخدمات التي باتت توفرها شركة غوغل (Google) إلى مشتركيها، فكل التوقعات تشير أنه في حال نجاح تلك المحادثات سينجم عنها خدمات متطورة يرى فيها البعض شكلا من أشكال الاحتكار الذي ربما تجد مايكروسوفت نفسها مضطرة إلى الدفاع عنه.

يتساءل البعض إلى أين ستصل هذه المعركة؟ وما هي الآفاق التي ستمتد إليها؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة، لكن لابد من الإشارة هنا إلى أنه إلى جانب الخبرة الغنية التي تملكها مايكروسوفت في صناعة البرمجيات، فهي تمتلك أيضاً خبرة غنية في التصدي لقوانين كسر الاحتكار من خلال التجربة التي استقتها في معركتها التي خاضتها ضد محاكم الاتحاد الفيدرالية في الولايات المتحدة

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1393 - الخميس 29 يونيو 2006م الموافق 02 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً