يقول علماء النفس إن الطفل يبدأ في تمييز الألوان وهو في شهره الثالث أو الرابع، لكن بعض حكامنا أصحاب الفتوحات المظفرة لا يميزون بين الألوان، بل لا يستشعرون هذه النعمة، فهم يرون دائماً وجهاً واحداً لكل شيء، لذلك يرون وجوههم في المرآة في كل صباح كما كانوا قبل أو سنة، كمثل صورهم التي لا تتبدل أو تتغير، فليس بعجيب ألا يفارقوا الكرسي حتى يزيحهم عزرائيل عن معاقلهم.

هذا ما لدينا نحن أبناء يعرب وأحفاد عدنان وقحطان، أما أبناء الرومان والغجر فحدث بلا حرج، فلا غريب أن يستوقفنا قرار رئيس سلوفينيا جانيز درنوفسك باعتزال السياسة مع نهاية فترته الرئاسية العام المقبل وقوله «هذا يكفي، لقد أخذت ما يكفي من السلطة».

لكن الغريب حقاً أن يظهر لنا أحد أبطال أمتنا العربية العتيدة ليمثل علينا مسرحية كوميدية بكل فصولها، فيقف على خشبة المسرح معلنا أنه ينوي اعتزال السياسة ويصر حالفاً اليمين على عدم التراجع، ثم يحشد الجماهير كي تقبل تراب نعله من أجل أن يتراجع بكل سهولة كأن لم يكن شيئاً، فيكفر عن نذره بتوسل الجماهير.

كدنا نشهق ونموت وتنخلع أعيننا من محاجرها ونحن لا نصدق أن تتغير السيمفونية التي يعزف عليها جميع حكامنا منذ أدركنا الحياة وتفتحت أعيننا عليها. لقد أيقظنا من حلمنا وبدد أمالنا.

صاحبنا درنوفسك الغربي يريد الاعتزال وهو في أوج عطائه ففي فترة ترؤسه استطاعت سلوفينيا تحقيق نقلة فعالة من كونها دويلة إطار في جمهورية يوغوسلافيا السابقة إلى دولة فتية أصبحت عضوا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي (الناتو)، ولم يأت درنوفسك للحكم فوق دبابة أو شاهراً سيفه على رقاب العباد بل جاءت به صناديق الاقتراع. أما صاحبنا العربي فيريد البقاء حتى قيام يوم الدين إذ إن , في المئة هي التي تجيء به ولا تطيح به، فياله من اعتزال سياسي