من الواضح أن السمة المشتركة لمباريات المونديال الجارية حاليا في الملاعب الألمانية هي الضعف التحكيمي أو بعبارة أدق الأخطاء التحكيمية، إذ لا تكاد مباراة تخلو من تلك الأخطاء، وهذا يؤكد أن الأخطاء التحكيمية واردة في جميع ملاعب كرة القدم وهي جزء لا يتجزأ من اللعبة، كما أنها أمر واقع يجب أن تؤمن به جميع الفرق وأن تضعه في حساباتها قبل خوضها أي مباراة، وذلك لسبب واحد فقط أن الحكم بشر وكتلة من الأعصاب.

وواقع الأخطاء التحكيمية يتطلب ثقافة وخصوصاً لتقبلها واعتبارها جزءاً من كرة القدم، وهذا ما يحدث فعلاً في المونديال الحالي إذ نجد الاحترافية في التعامل مع الحكام من جميع الأطراف، اللاعبون والمدربون والإداريون، ولم نشاهد أي محاولة اعتداء على حكم من الحكام على رغم أخطائهم الفادحة في أكبر حدث عالمي على الإطلاق وأمام الملايين من المشاهدين وخبراء اللعبة والتحكيم حول العالم، حتى أن المباراة الأكثر جدلا من هذه الناحية وهي مباراة هولندا والبرتغال التي كانت من أكثر المباريات خشونة وتفنن الحكم في إخراج البطاقات الصفراء والحمراء للاعبين لم نشاهد أي محاولة اعتداء على الحكم الروسي، بل شاهدنا التعامل الاحترافي والحضاري معه حتى أن الحكم لم يحتج إلى رجال الأمن للاحتماء بهم.

ولنا أن نتخيل ماذا سيحدث لو أن هذا الحكم كان بحرينيا ويدير إحدى المباريات في الدوري الممتاز، بالتأكيد سيخرج الحكم ملطخا بدمائه وتقوم الدنيا عليه ولا تقعد.

ما نود قوله بعد هذه المقدمة الطويلة إننا مازلنا بعيدين عن كرة القدم وثقافتها، ومازلنا متأخرين بأشواط عما نشاهده في كأس العالم.

وحكامنا مثل غيرهم من الحكام العالميين الذين أثبتوا أنهم يخطئون أيضا، وكل ما يحتاجه حكامنا هو الدعم اللازم من الاتحاد والأندية، والتعامل معهم بأسلوب حضاري حتى يكتسبوا الثقة بأنفسهم ومن ثم سينعكس ذلك على أدائهم في إدارة المباريات، أما اسلوب التهديد والوعيد وبث الرعب في نفوس الحكام فسيزعزع الثقة في نفوس الحكام وهذا للأسف ما يحدث في ملاعبنا