العدد 1392 - الأربعاء 28 يونيو 2006م الموافق 01 جمادى الآخرة 1427هـ

خبرة القضاة والعدالة

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

شكرت في المقال السابق حكومتنا الرشيدة على تمكين المرأة من الأدوار السياسية الجديدة، فإسناد مركز قاضية للأحداث لهو مركز مهم وتلزمه أكثر من السنوات الأربع، وهي خبرة القاضية الموقرة المُعينة، فنحن لا نشكك في قدرات هذه القاضية وسعداء بها جداً، لكن لدينا بعض الأسئلة... كيف يتم اختيار المرشحات لهذه المناصب السياسية الحساسة، وما المعيار لاختيارهن؟ وهل توجد شروط يجب أو يُستحسن توافرها للحصول على ذلك المنصب؟ ففي الدول العربية والعالم أجمع لا يصل القضاة إلى هذه المناصب إلا بعد «طلعان الروح»، وفي فترة يستحيل أن تقل عن العشرين عاماً من الخبرة والممارسة، ويكون القاضي قبلها محامياً يتدرب في تخصصات عدة، ويبدأ بكونه محامياً جزئياً ثم ابتدائياً واستئنافيًّا وبعد ذلك تمييزياً ودستورية عليا، وأن يدخل الأقسام المختلفة من الجنائية إلى الشرعية إلى المدنية، إلى التجارية، إلى العمالية... إلخ من مسميات قانونية، إضافة إلى ضرورة حصوله على شهادات عليا مثل الماجستير والدكتوراه ودورات تدريبية، ثم يمارس بعض الأعمال في النيابة العامة وفي مجلس الدولة للشئون القانونية، ويستحسن أن يكون نشطاً في المجال الاجتماعي في حقوق الإنسان وغيرها من الجمعيات الأخرى، وكل ذلك للتزود بالوعي اللازم للقيام بمهماته على الوجه الحضاري المتقدم، وأن يعدل أثناء الحكم نظراً إلى الرؤية والاطلاع اللذين سيصاحبانه خلال رحلته الحياتية الخصبة في التعلم والممارسة، ما سيسهل أداء مهمته، إتقاناً لها ولدورها.

إن مهنة المحاماة والقضاة من المهن المقدسة، وهي على قمة الهرم في القيمة الإنسانية الرفيعة المستوى، لما لها من تأثيرات مباشرة في موازين الحق والعدالة ورفع الظلم والأذى عن المظلومين من البشر. والحياة هي تلك الدروب الشائكة والمعقدة من الحيل الإنسانية التي يصعب على محدودي الخبرة استصدار الأحكام الكاملة وحل النزاعات بين البشر بصورة عادلة. وبذلك حقيقةً، أشعر بالشفقة على من يتولون هذه المناصب وذلك العبء الثقيل الذي سيحملونه قبل الأوان وخصوصاً أصحاب الضمائر الحيّة إذ ستكون معاناتهم أكبر حجماً!

وقد يسارع ظهور الشيب في مفارقهم جرّاء عدم تمكنهم من القيام بكل المهمات، مع عدم وجود الخبرة والنضج والممارسة في مجال العمل. والعدالة الاجتماعية لن تأتي إطلاقاً بتوزيع المناصب على النساء من دون جدارة أو خلفية استحقاقية وخصوصاً أن بلادنا مليئة بالمحاميات ذوات الخبرة والكفاءة والشهادات ممن هن ملء العين والبصر، وهن أكثر جدارة بهذه المناصب. فلماذا يهمل من تعبن وكابدن في هذه المهنة وقدّمن أفضل ما لديهن لتثبيت خطى النساء في الممارسة والإبداع ولسنواتٍ طوال؟ لماذا لا نعطيهن حقوقهن من التكريم؟ لماذا نزرع التفرقة والعنصرية، ولماذا لا توزع الأدوار بالعدل في ميزان العدل الأساسي (المحكمة)؟ ولماذا لا توضع القوانين الأساسية للتقنيات في هذه المراكز ويتقدم إليها من تنطبق عليه الشروط الأساسية في التعيين ثم نختار بينهن على حسب الأداء والجدارة؟ وكيف ترى المحامية نفسها أمام قاضية غير متمكنة من استصدار أحكام، وقد تُصدر أحكاماً ناقصة وضعيفة توازي خبرتها؟ وكيف ترى القاضية نفسها حينما تستأنف المحامية القضية لنقض الحكم وضعفه، وهي تشعر بضعفها أمام محامية أكثر جدارة في الدفاع عن المتهمين؟ نحن نتمنى في ظل القيادة الديمقراطية الحكيمة، إعطاء الحقوق لأصحابها، وأن يكون توزيع الأدوار محدداً بشروط كي يشعر المواطنون أن العدالة تسود مجتمعهم. وإن العدالة السماوية أكثر ما ترفضه هو ظلم الإنسان لأخيه الإنسان

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1392 - الأربعاء 28 يونيو 2006م الموافق 01 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً