محرك البحث على الإنترنت (غوغل) لم يعد محركاً للبحث فقط، وإنما أصبح وسيلة أساسية لتمكين ملايين المستخدمين لخدماته (في كل دقيقة تمر علينا) من معلومات وصور واستكشافات كانت حتى وقت قريب من اختصاص وصلاحيات السلطات العليا فقط.

فمثلاً يستطيع المرء أن يدخل على «غوغل أيرث» ليرى العالم من حوله، وأن يركز على أية نقطة في العالم ليرى تفاصيل جغرافية لم يكن بالإمكان رؤيتها من قبل، وكل ذلك بالمجان... أما إذا شاء المرء أن يحصل على تفاصيل أكثر دقة وخدمات أخرى، فإن الطلب متيسر التحقق مع دفع الكلفة.

خدمات «غوغل» الأخرى لا تقل أهمية، بل تزداد كل يوم لتحول العالم إلى مرآة شفافة، من خلال تدفق معلوماتي بالنص والصوت والصورة يخترق الحواجز والحدود ويمكِّن الشخص الاعتيادي من الاطلاع على مخزون للعلم والمعرفة بشكل غير مسبوق.

كل هذا يؤكد ما قاله رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (منتدى دافوس) أثناء زيارته البحرين مطلع هذا العام من أن عصرنا انتقل من «العولمة» إلى «الغوغلة»، وهذه «الغوغلة» تتحدث كل اللغات المستخدمة في عالمنا... وأخيراً دشنت شركة «غوغل» خدماتها الإخبارية باللغة العربية، موفرة بذلك إضافة نوعية للصحافة الإلكترونية العربية.

الصحافة الإلكترونية في العالم العربي مازالت دون المستوى، وهذا ما تحدث عنه مدير موقع «العربية.نت» عمار بكار الأسبوع الماضي أثناء الملتقى الذي جمع الأكاديميين بالمهنيين في ميدان الإعلام العربي. فقد أشار بكار إلى أن الإعلام العربي الإلكتروني تغيب عنه الصدقية والموضوعية، وأنه عبارة عن «صراخ إلكتروني» يعتمد على «الهوية المستعارة»، وهي لا تمثل واقع الشارع العربي، لأن أية مجموعة مهما تكن صغيرة تستطيع أن تحدث ضجيجاً إلكترونياً، وهذا بدوره أدى إلى انحياز معظم المواقع والخدمات الإلكترونية نحو التطرف في الطرح.

وأشار بكار إلى مخاطر «الهوية السائلة» للخدمات الإلكترونية العربية، معتبراً أن ذلك يعبّر عن قلة في الوعي وانخفاض في الإبداع على مستوى المحتوى والعطاء، وهو عموماً يعبّر عن فقر فكري.

مع دخول «غوغل» عالم الصحافة الإلكترونية العربية فإنه من المتوقع أن تبدأ الأمور في التحسن والاتجاه نحو الموضوعية والصدقية. وإنه لمن المؤسف أن تتحدث التقارير عن ضحالة مستوى الطرح وانخفاض النهج المستخدم في كثير من الخدمات الإلكترونية العربية، ولكن بما أننا نعيش في عصر أطلق عليه رئيس منتدى دافوس اسم «الغوغلة»، فإننا نأمل أن نستفيد مما توفره «غوغل» للعالم العربي وألا نحولها إلى «غوغاء» عربية شبيهة بما هو منتشر لدينا حالياً.

إن محتويات الإنترنت أكثرها حالياً باللغة الإنجليزية، ولكن هناك لغات صاعدة، ومستقبلاً يتوقع أن تصعد اللغة الإسبانية إلى مرتبة مرتفعة وتصبح بعد الإنجليزية، وهناك بلدان متطورة في المحتوى الإلكتروني، مثل كوريا، وهي تتحدث لغة خاصة بحدود ذلك البلد، لكنها استطاعت أن تحول المحتوى الإلكتروني إلى محرك للاقتصاد والمعرفة والسياسة.

إن أملنا أن تساهم «غوغل» في الصعود بمحتوى الإنترنت الصادر باللغة العربية، وألا تتحول هي ذاتها إلى غوغاء مثل كثير من المواقع والخدمات الالكترونية الاخرى