العدد 1392 - الأربعاء 28 يونيو 2006م الموافق 01 جمادى الآخرة 1427هـ

السينما العربية ونظام السوق

في السينما العربية لا يشترط أن تخضع وزنك الى المخرج كي يتناسب مع الدور. في السينما الأميركية يمكن أن تجد نفسك عاطلاً عن العمل في حال أخللت بذلك الشرط.

في السينما العربية يشترط أن تكون وسيماً بالوراثة، وإن كنت بليداً وغبياً وساذجاً بالوراثة، كي تؤدي دوراً مهماً، في قضية أكثر أهمية. باستثناء عبلة كامل، أحمد زكي، ويحيي الفخراني. وما عدا الثلاثة، كل الشروط والمواصفات قابلة للسقوط والانهيار.

محمود عبدالعزيز ممثل من الوزن الثقيل في أدائه، وكذلك عدد الكيلوغرامات التي يحملها. وعلى رغم تجاوزه عاما، ما زالت الأدوار التي يؤديها، من المفترض أن تذهب لابن عشرين مع وزن لا يتجاوز كيلوغراماً، فيما عبدالعزيز يتجاوز كيلوغراماً بكثير، ولا يزال يؤدي دور المراهق الوسيم. يحيي الفخراني هو الآخر خارج شرط السينما العربية التي لا شرط لها، ما دامت تراهن على الجمهور الذي لا يعبأ كثيراً بسن ووزن بطله، والأهم من كل ذلك، ما دام المنتج والمخرج يعيان أصول اللعبة عربياً.

القبح... الوسامة... الرشاقة... البدانة ... مواصفات لا مكان لها في منظومة الصناعة السينمائية العربية - إلا ما ندر - وما ندر لا يعبّر بالضرورة عن اقتناع بالموهبة بقدر ما يعبر عن توفر يقين لمردود تلك الموهبة.

علينا ألا ننسى ليلى علوي، فهي الأخرى تكاد أن تنفجر وزناً، ولكنها تكاد تضمحلّ أداء وإقناعاً فيما يُسند اليها من أدوار، ومع ذلك لا يزال المنتجون والمخرجون متمسكين بها تمسك أحدهم بورقة ياناصيب يتيمة في سحب مات المشتركون فيه ما عداه!

سينما بتلك المواصفات والذهنية في اختيار نجومها، لا تبعث على الشفقة حين يُشفر أحدنا المحطات التي تطلع علينا بنماذجها، لأننا في النهاية لا نريد أن نلقي بأنفسنا الى التهلكة!. وعلينا ألا ننسى فيفي عبده في هذا الصدد. لم تعد لياقتها في ملاهي الليل، قادرة على إقناع سجين في زنزانة انفرادية يقضي فيها حكماً بالسجن المؤبد، على اضافته الى رصيد مشاهديها ومعجبيها، لذلك اختصرت الطريق فلجأت الى أسهل الطرق وأقصرها الى النسيان: المسلسلات!. فإذا كانت السينما العربية عاجزة عن حفر مكان لها في ذاكرتنا خلال العقود الثلاثة الماضية - باستثناء أفلام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة - فمن الصعب أن تحقق المسلسلات العربية الرتيبة والساذجة مثل ذلك الحفر في الذاكرة.

ويونس شلبي الذي حقق حضوراً ملفتاً لسمنته من جهة، وأدوار السذاجة التي أوكلت اليه في مسرحياته الأولى، من جهة أخرى، يلتمس ابنه تدخل الحكومة المصرية للوفاء بفواتير علاجه التي تجاوزت ألف جنيه مصري، لأنه خرج من «مُولد» الأضواء بلا «حُمّص»، ولأنه ببسيط العبارة أعلن عن انطفاء موهبته مع العرض الأخير لمسرحية «العيال كبرت»!.

هياتم ليست نجمة قبل أن تنفجر بالوزن، وحين تجاوزت الخط الأحمر، بات عليها أن تلعب أدوار الإغراء، ومن دون تلك الأدوار ستضطر الى أن تشحذ في الشارع، أو أن تتحجّب! تلك هي قوانين ونظم السوق السينمائية المصرية

العدد 1392 - الأربعاء 28 يونيو 2006م الموافق 01 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً