باتت التحالفات الإقليمية هي الفكرة الأكثر عقلانية عوضاً عن هراء «الوحدة العربية»، ولنا في نموذجنا الإقليمي «مجلس التعاون الخليجي» المثال الأكثر وضوحاً وواقعية، إذ استطاعت دول الخليج الست أن تنتج أقوى تكتل اقتصادي في المنطقة العربية، ولعل أحد أهم أسباب نجاح هذا التجمع أنه لم يقبل فكرة التوسع منذ البدء.
اليمن، الذي مازال يصدر الكثير من خطابات التودد لنا، بهدف الدخول في المنظومة الخليجية، استطاع اختراق بعض المنظمات الخليجية، وخصوصاً في الشئون الرياضية والثقافية والصحية، إذ هبّت القرارات القادمة إلى قبول عضويته في بعض اللجان العاملة، إلا أن لي في هذا الدخول وجهة نظر مغايرة عما هو سائد.
اليمن اقتصادياً يحتاج إلى قفزة اقتصادية ليست بالبسيطة، وأعتقد أن مجمل النظام الاقتصادي اليمني عاجز في تقنياته أو آلياته عن النجاح في تحقيق هذه الخطوة التي يجب ألا نتحمل نحن تبعاتها، واليمن - كنظام سياسي - لا يتماثل البتة مع نظمنا السياسية في الخليج، وهذا ما يؤثر سياسياً على الوحدة السياسية العامة لهذا التكتل. اختلاف طبيعة النظام السياسي اليمني أثر على المنظومة الخليجية إبان الغزو الغاشم للنظام الصدامي البائد على الشقيقة «الكويت»، ما يجعل مراهناتنا السياسية على مثل هذا النظام لا تتسم بالإيجابية.
ومما لا شك فيه أن انضمام اليمن إلى المنظومة الخليجية سيتضمن المزيد من الأعباء على النظام الاقتصادي الخليجي، بل انه سيكون بمثابة معوق أمام إتمام الوحدة الاقتصادية، ناهيك عن انه سيكون معوقاً محورياً أمام إتمام «توحيد العملة الخليجية»، والذي يعتبر من أهم القرارات التي اتخذها المجلس كنتيجة طبيعية للوحدة الاقتصادية بين دول المجلس.
سيكون علينا في دول الخليج أيضاً أن نتحمل المزيد من التنامي في معدلات البطالة، فالعمالة اليمنية - منخفضة التكلفة - التي ستتسرب إلى السوق الخليجية من دون حد ستكون باعثا نحو المزيد من التعقيدات التي لسنا بحاجة إليها في هذه المرحلة التاريخية من عمر المجلس.
كما كان ومازال الاتحاد الأوروبي يستعين بالاستفتاءات الشعبية في قراراته التاريخية، فإنه لابد لقياداتنا السياسية في منظومتنا الخليجية من أن تستفتي شعوبها في انضمام اليمن إلى مجلس التعاون، كإحدى الخطوات الرئيسية في حال كان خيار القبول بانضمام اليمن هو - فعلاً - أحد القرارات القادمة للمجلس
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1391 - الثلثاء 27 يونيو 2006م الموافق 30 جمادى الأولى 1427هـ