العدد 1390 - الإثنين 26 يونيو 2006م الموافق 29 جمادى الأولى 1427هـ

«ما بين النارين»

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

منذ تفجير الروضة العسكرية في مدينة سامراء والعراق (بسنته وشيعته وكرده وصابئته ومسيحييه) ينام بعيون مفتوحة لم تذق طعم الراحة والامان ولا تعرف متى ستصاب بعيار ناري او عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة او بحزام انتحاري يبحث عن كومة بشر يندس كالسراق بحثا عن ارواح يسرقها من اصحابها.

السنة يتهمون الشيعة باعتقالهم وتعذيبهم حتى الموت، والشيعة يتهمون السنة بقطع رؤوسهم ودعم المفخخات، والكل كان بانتظار مبادرة للمصالحة الوطنية تحقن الدم العراقي وتتجاوز الماضي وصولا الى المستقبل، فكانت المبادرة التي اطلقها المالكي أمس الأول (الأحد) تحمل الكثير من الايجابيات والقليل من السلبيات والكثير الكثير من الأسئلة عن مدى إمكان الحكومة الوفاء ببنودها.

الواضح من مبادرة المالكي ان رئيس الوزراء العراقي تعرض لضغط مباشر وغير مباشر لتغيير وتخفيف بعض بنود المبادرة التي قيل انها ثمانية وعشرون بندا لتحذف منها اربعة وتبقى اربعة وعشرون، لوحظ من طريقة صياغتها انها تحمل الكثير من الاسئلة التي يبدو ان المالكي آثر عدم الاجابة عليها لتفسح له (هذه الاسئلة) حرية المناورة والتنفيذ.

إن القراءة الاولية للتصريحات التي اعلنها الأميركان والكيانات السياسية في العراق تجاه المبادرة تشير الى عدم تطابق الرؤى السياسية في آلية تطبيق المبادرة، ومثلما فعل المالكي آثرت الكتل السياسية ترك الامور باتجاه (لكل حادث حديث)، أو بمعنى آخر وفقا لردود فعل الفصائل المسلحة المعنية من المبادرة.

تصريحات الأميركان أكدت وجود انقسام في الآراء بين البيت الابيض المؤيد للمبادرة بحثا عن أي مخرج (يحفظ ماء الوجه على الأقل) من المأزق العراقي، مقابل موقف الكونغرس الرافض لها خوفا من الوقوع في خانة الانتحار السياسي والشعبي التي وقع فيها الرئيس بوش، اما الكتل الشيعية فقد تباينت مواقفها من المبادرة بين انتقاد الكتلة الصدرية وموافقة حذرة من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.

أهل السنة في العراق من جهتهم اعتبروا المبادرة جيدة كخطوة اولى، مع التأكيد على مواقف انتقادية تهدف الى الحصول على تنازلات اوسع مما عرضه المالكي في مبادرته للمصالحة، في الجهة المقابلة كان الاكراد غير مهتمين جدا باصل المبادرة أو طريقة تنفيذها لأسباب تتعلق بموقفهم من المصالحة التي لا تعنيهم بشكل مباشر، وخصوصاً أنهم نجحوا في نسج خيوط متوازنة مع جميع الاطراف العربية سنية كانت أو شيعية.

في كل الأحوال لا يمكن الاعتداد بمواقف الأميركان المتناقضة ولا برأي الكتل العراقية من المصالحة، بقدر ما يمكن ان يعول على آلية تنفيذ بنود المبادرة التي لن يتحمل فشلها أو نجاحها سوى صاحبها المالكي والعراقيين الذين باتوا ينظرون الى اية مصالحة على أنها أمل جديد لعيون ملت النظر الى الموت القادم الى بلادهم... بلاد «ما بين النارين»

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1390 - الإثنين 26 يونيو 2006م الموافق 29 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً