تمكن رونالدو أخيرا من معادلة الرقم القياسي في عدد الأهداف المسجلة بكأس العالم الذي ظل على مدى عاما في حوزة المهاجم الألماني الفذ غيرد مولر برصيد هدفا. والفرصة مازالت أمام رونالدو لتخطي هذا الرقم والانفراد بالرقم القياسي لعدد الأهداف.
رونالدو أو كما يلقب بـ «الظاهرة» سجل اسمه بأحرف من ذهب في سجل أفضل لاعبي كرة القدم على مر التاريخ إلى جانب بيليه ومارادونا وبيكنباور وكرويف وغيرهم من عمالقة اللعبة. وفي اعتقادي الشخصي ان رونالدو هو أفضل لاعب مهاجم في التاريخ الحديث بعد بيليه.
رونالدو حضور لأول مرة مع المنتخب البرازيلي في العام في مونديال كأس العالم بأميركا وكان عمره آنذاك عاما وهو إلى جانب كافو الوحيدان الباقيان من لاعبي مونديال . في ذلك المونديال لم يلعب رونالدو حتى دقيقة واحدة في المباريات وذلك بقرار صارم من المدرب الحالي للمنتخب البرازيلي كارلوس ألبرتوا باريرا. إذ على رغم المناشدات الشعبية والرسمية لإشراك رونالدو في ذلك المونديال ولو لدقيقة واحدة فإن باريرا رفض إشراكه في مفارقة غريبة. حينها بعث الرئيس البرازيلي آنذاك رسالة إلى باريرا يطلب فيها إشراك رونالدو فرد عليه باريرا برفضه تدخل الرئيس في شئونه.
وبعد ختام كأس العالم في أميركا أصبح رونالدو أساسيا في تشكيلة البرازيل وقائد هجومها الأول إلى الآن على مدار عاما متواصلاً.
آنذاك لم يكن الكثيرون يعرفون اسم رونالدو إلا أن البرازيليين كانوا يعولون عليه كثيرا لخلافة بيليه. رونالدو احترف في نادي ايندهوفن الهولندي وعمره عاما وتوج هدافا للدوري الهولندي في ثلاثة مواسم متتالية ليكون أصغر هداف في تاريخ الدوري الهولندي. بعدها انتقل إلى نادي برشلونة في العام في صفقة قياسية آنذاك ومنه عرف النجومية العالمية وذاع صيته وتوج في موسمه الأول هدافا للدوري مع برشلونة وسجل هدفا وأظهر من المهارات والقدرات والإمكانات ما أبهر الجميع وأجبرهم على أن يطلقوا عليه لقب «الظاهرة». حتى المدرب الإنجليزي الشهير بوبي روبسون الذي درب رونالدو في برشلونة أكد أن رونالدو هو أفضل لاعب دربه في حياته. وحقق رونالدو مع برشلونة لقب الكأس إلا أنه في فشل في الفوز بالدوري معه.
فكان رونالدو بحق ظاهرة كرة القدم الحديثة وملهمها وحصل على لقب أفضل لاعب في العالم وأوروبا في العام ، لينتقل بعدها مباشرة إلى انتر ميلان الايطالي الذي قاده إلى تحقيق كأس الاتحاد الأوروبي وهو اللقب الأوروبي الأخير للانتر حتى الآن. وحافظ رونالدو في العام على لقب أفضل لاعب في العالم وأوروبا وسجل هدفا في الدوري الإيطالي في موسمه الأول.
رونالدو خاض مونديال في فرنسا كنجم لنجوم العالم وكانت كل آمال البرازيل معلقة عليه، وعلى رغم ضعف المنتخب البرازيلي آنذاك فإنه تمكن من قيادته إلى المباراة النهائية للبطولة.
حينها حدث أمر غريب لرونالدو في ليلة المباراة النهائية وانتابته نوبة من الصرع فقد على اثرها المنتخب البرازيلي تركيزه في النهائي وتلقى خسارة ثقيلة لأن رئته النابضة توقفت عن الحركة.
ولأن رونالدو كان الملهم لمنتخب بلاده فقد جاءت إصابته الأولى في الركبة مع بداية العام كارثة قومية على البرازيل وانتر ميلان الإيطالي ليعود بعدها في منتصف العام ويتلقى الإصابة نفسها في مباراته الأولى بعد عودته أمام لاتسيو الايطالي، حينها اعتقد الجميع أن الظاهرة رونالدو انتهى من ميادين كرة القدم وهو في سن عاما.
إصابة رونالدو أبعدته عن صفوف المنتخب البرازيلي لثلاثة أعوام متتالية بدءاً من العام إلى بدايات العام ، وهي الأعوام الثلاثة الأسوأ على الكرة البرازيلية في تاريخها ربما إذ عانى البرازيل الأمرين قبل أن يتمكن من التأهل لنهائيات كأس العالم في مباراته الأخيرة وعجز المنتخب البرازيلي عن الفوز بأي لقب قاري في هذه الفترة بل انه تلقى هزائم تاريخية من فرق متخلفة كرويا مثل الهندوراس وبوليفيا وغيرها. في هذه الفترة بدل المنتخب البرازيلي أكثر من خمسة مدربين.
وفي شهر أبريل/ نيسان من العام بدأ رونالدو العودة إلى ممارسة الكرة مع نادي الانتر وسجل في مباريات في نهاية الدوري الايطالي أهداف بشكل أذهل جميع المراقبين الذين توقعوا نهاية هذا اللاعب. وعلى رغم أن رونالدو لم يتمكن بعد إصابته من العودة إلى مستواه السابق الذي كان ينطلق فيه كالسهم ويراوغ المدافعين ويسجل الأهداف الخارقة فإنه احتفظ بحاسيته التهديفية وبتسديداته القوية وانطلاقاته الصاروخية.
هذه المميزات أهلت رونالدو للعودة من جديد لإعادة الروح إلى البرازيل بقيادة العبقري سكولاري في مونديال كوريا واليابان في العام ، ومع أنه لم يكن في كامل لياقته البدنية إلا أنه تمكن من كسر حاجز الستة أهداف في كأس العالم لأول مرة منذ العام وسجل ثمانية أهداف منها هدفان في المباراة النهائية ليقود منتخب بلاده إلى اللقب العالمي الخامس. أهمية رونالدو في المنتخب البرازيلي ليست في الأهداف التي يسجلها فقط وإنما في الروح التي يمنحها للفريق في حال وجوده إذ انه اللاعب رقم واحد بالنسبة إلى الشعب البرازيلي والأكثر محبة بين جماهيره، ومعه يشعر اللاعبون بالثقة في تحقيق الفوز. وإذا كان رونالدو في حال سيئة فإن المنتخب البرازيلي يكون في حال سيئة أيضا وهذا ما حصل في نهائي مونديال وفي فترة الثلاثة أعوام التي غاب فيها وفي المباراتين الأوليين من المونديال الحالي الذي لم يقدم فيها رونالدو شيئا ولم تقدم معه البرازيل أي شيء. عندما عاد رونالدو إلى التألق تألقت البرازيل من جديد، فهي كمن يلعب على نغمات هذا اللاعب تتألق بتألقه وتتراجع بتراجعه.
رونالدو أثبت بحق أنه وإن كان في أسوأ حالاته إلا أنه بحق أحد أفضل مهاجمي العالم إن لم يكن أفضلهم إطلاقا، وهو بحق أهم لاعبي المنتخب البرازيلي وأكثرهم تأثيرا على المجموعة.
ولعل أبرز ما يميز رونالدو أنه اللاعب الذي يتجه إلى المرمى مباشرة ويعشق الاختراق من العمق ونادرا ما نشاهده يلعب في أطراف الملعب لذا يغيب عن أدائه اللعب الاستعراضي أو التمريرات العرضية.
رونالدو هو بحق «ظاهرة» كرة القدم في التسعينات ومطلع الألفية الجديدة
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1390 - الإثنين 26 يونيو 2006م الموافق 29 جمادى الأولى 1427هـ