العدد 1390 - الإثنين 26 يونيو 2006م الموافق 29 جمادى الأولى 1427هـ

حرية الجوع الذهبية...

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

«لم يكن يتوجب على الناس الذين حفروا على جدران الكهوف، قبل ثلاثين ألف سنة أن يعملوا عشرين ساعة يومياً لتأمين طعامهم، ولباسهم، وسكناهم !».

ميشائيل كريشتون/ حديقة دينو/ فيلم روائي

يبدو مفهوم «الدولة» في تراجع مستمر، وأن «الشركات» تزداد، ولا أحد يستطيع مقاومة هذا الزحف المجنون، إلا أن المزيد من التقنية والحداثة المالية والعمرانية لا تعني دائماً المزيد من التطور الاجتماعي، وقد تعني - أحياناً - المزيد من الفقر!

عالمياً، قدمت نظرية «التجارة الحرة» سياسياً باعتبارها مصدرا للثروة والرخاء، وراجت بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، التي لم تكن في حقيقة الأمر قادرة على المساواة بين الناس ما خلا مساواتهم في «الفقر»!

ونحو المزيد من التجارة الحرة لابد من تخفيض الضرائب عن الشركات، وإلغاء الرسوم... وتتبعه سلسلة طويلة من الاعفاءات التي لابد وأن تكون سببا في تقليص دور الدولة وإيرادتها السنوية، حتى وصلنا في الليبرالية الجديدة إلى قانون عام مفاده أن «الدولة الحديثة» هي التي لا تتحكم بأكثر من في المئة من إجمالي اقتصاد السوق.

بحرينياً: ليست المشكلة أن يتجه اقتصادنا إلى أحضان الليبرالية الجديدة، أو أن تكون البحرين سوقاً مفتوحة، أو أن تزيد أرباح شركاتنا. المشكلة هي ألا يُرَافق هذا التحول «الاقتصادي» تحول «سياسي» يُمَاثله، الحكومة تنزح نحو تعقل هذا الخيار والمضي فيه، إلا أن المعارضة تبقى «مُعَوَقَة» و«مُعَوِقة»، وهنا مقتلها بدقة.

المشكلة في المعارضة أنها لا تفهم لعبة السوق، والمشكلة في الحكومة ورجال الأعمال أنهم لا يتبنون خيار الانتقال إلى ليبرالية السوق بالشكل الصحيح، ويبقى السؤال متمحورا حول ماهية الفهم للانتعاش الاقتصادي من كونه أداة لرفاهية الإنسان، إلى وصول إلى هنا مشوهاً، ليعبر عن رفاهية «السوق» وحده دون الإنسان.

نظرياً: دأبت عبارات المحلليين الاقتصاديين على اعتماد مصطلح «اقتصاد السوق»، وبما أن كلمة السوق هي كلمة «اقتصادية» أيضاً، فكأنما كانت الإشارة ذات مغزى مضمر وهو «اقتصاد الاقتصاد»، وعندما أهملت مقالات المحلليين من الساسة والصحافيين «اقتصاد الناس» وجدت انه من الضروري أن أعيدها في سياق طبيعي وغير مستهجن.

«الإنسان الشرير»، والذي يكثر من إزعاجه لأصحاب السوق، ولاقتصاد السوق، ولنمو السوق، يجد خطاباً عقلانياً مضاداً، فالساسة وأرباب السوق يجدون ما يحتاجون من الحجج المستقبلية والوعود الافتراضية التي تذهب إلى أن الاقتصاد الجديد سيوفر فرص العمل الكثيرة، وسبل الانتعاش الاقتصادي المستمر!

في خضم هذا القلق كله، نسبر أداء جمعياتنا السياسية فنخرج بقائمة خجلى من النتائج، لا نريد في هذا الملف أن نكون قساة في أحكامنا، نعرض لكم اليوم أراء أبرز الأسماء المهتمة بالاقتصاد في جسم المعارضة، ولنا عود عليها لنعرض وجهة النظر الأخرى عما قريب.

فمن هو المسئول عن نتيجة ملفنا النهائية «الفقر»؟، تلك نتيجة لن نستعجلها

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1390 - الإثنين 26 يونيو 2006م الموافق 29 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً