«هيك أحلى، أحلى بكتير» تقول بشكل أو اخر بعض دعايات مستحضرات البشرة. دعايات يمكننا أن نأخذها على ما هي عليه؛ بأنها فقط محاولات من الشركات لبيع منتجاتهم، أو للرسالة الباطنة التي تكمن في مضمون الدعاية. في مدة لا تزيد عن ثلاثين أو أربعين ثانية نجد رسالة مسلوبة من المنطق، تركز على وتثبت نظرة المجتمع واهتمامه بأتفه أمور المظهر. بالطبع نريد كل واحد أن يستحم ويستعمل مزيل رائحة العرق، لكن تبدأ الأمور بالانزلاق للسخافة عندما نرى دعاية تبين بأن بمجرد تفتيح بشرتك (نعم، أنت، فبشرتك ليست ناصعة البياض بما فيه الكفاية)، ستحظين بكل ما تتمنينه وأكثر. فإن سمار بشرتك عائق في طريقك لبرهان ذاتك وإبراز نفسك أمام العالم بأسره. أما أنت ذات البياض الناصع، فأنت أيضاً تريدين استخدام المستحضر لأنه سيزيل تلك البقع و (لا سمح الله) النمش الذي سيمنعك من العمل، الحب... العيش! لا عجب إذاً عندما نرى الكثير من إعلانات الوظائف الشاغرة تطلب صورة المتقدم على العمل. لا أدري كيف يؤثر شكل الشخص على أدائه في العمل. بالنسبة للعاهات الجسدية، فلابد بأن تذكر في الرسالة التي تلحق مع السيرة الذاتية. لكن صورة؟ هل هو طلب لعمل في هوليوود بدلاً من مصرف أو شركة اتصالات؟
أعترف بأن في بعض الحالات، يجدر بتوظيف الوجه الحسن، لكن أليس الوجه الحسن أكثر من مجرد صورة إستوديو؟ أليس الحُسن أيضاً الشخصية والاسلوب في التعامل؟ فلماذا نرفض طلباً بسبب عدم إلحاق صورة (أو إرسال صورة، لكن تبين بأن المتقدم ليس وسيماً أو شبه الممثلين كما يقال). لماذا لا نمنح من يبعثوا سيرتهم الذاتية من دون إلصاق صورتهم فرصة الحكم عليهم بعد مقابلتهم. ألا يجدر بأن يكون قسم الموارد البشرية حيادياً؟
المشكلة ليست شركات الإعلان أو منتجات التبييض المتعددة (والتي يباع الكثير منها من دون دعايات سخيفة، بل دعايات فقط تبين بأن هذا المنتج يمكنه أن يفتح بشرتك). المشكلة هي عندما نحن كمجتمع شرقي مازالت لدينا تلك النظرة البدائية التي تركز على الهوامش مثل لون البشرة وطول الأنف. شركات الإعلان فقط تقوم باستغلال وترسيخ تلك العقلية. ففي الدول الأخرى قد ترى شركات الإنتاج نفسها وراء دعايات لمنتجات تسمير البشرة أو توسيع العينين.
هل هذا فير؟ هل هذا لوفلي؟ لا أجد في الأمر «فير» ولا «لوفلي«، بل أجد الكثير من التفاهة التي تبث أمامنا بين برامج التلفزيون وتكرر مرات عدة في صفحات الوظائف الشاغرة بمصطلح «يرجى إلحاق صورة مع السيرة الذاتية».
أما بالنسبة إلى دعايات القهوة السريعة التحضير، فهو شيء آخر. كيف، كيف يمكن لقهوة رخيصة تغير مجرى اليوم وتمنحك موهبة عزف الجيتار وجذب أحلى بنات المقهى و... حسناً، سأتوقف الآن
العدد 1389 - الأحد 25 يونيو 2006م الموافق 28 جمادى الأولى 1427هـ