للأسف الشديد عندما قرأت عمود إحدى الكاتبات في صحيفة زميلة، لم يكن ذلك محض مصادفة بل كان ذلك بداية لموضوع آخر. قرأته ووجدت فيه عجبا، إذ إنه للأسف الشديد يفتقد للكثير من المعايير سواء المهنية أو حتى الأمانة العلمية، فقد كان الحوار فعلاً ساخنا كما عبرت عنه، ولكنه كان منقوصا، إذ أخذ منحنى آخر غير الذي عبرت عنه. وللأمانة أصحح بعض ما زج به في العمود لأن الموضوع يخصني بالدرجة الأولى فقد كنت من تحاورت معه الكاتبة.
أول الأمور التي يجب أن تصحح حتى لا تقع إحدى الأخوات ضحية للحوار وكادت فعلاً أن تقع (لولا ستر الله). وللتصحيح: لست عضوة شورى الوفاق وإنما عضوة الأمانة العامة، ويبدو أن هناك من لا يتابع الأخبار بصورة دقيقة، فقد بدأ الحوار غير المخطط له، ولكن يبدو أن هناك إرادة مبرمجة لخوض هذا الحوار لأسباب لا يعلمها إلا الله، بسؤال عريض وكبير: ما المعايير التي ترونها في مرشحكم للانتخابات النيابية والبلدية؟ وعساني أجبت عن السؤال إجابة كافية فلم أوجزها، فقد فهمت من السؤال أنه ليس هناك متابعة للموضوع وإلا فإن الصحف كلها بلا استثناء تطرح الموضوع يوميا. وتكلمت لها عن مبدأ الكفاءة والإخلاص في العمل وشعبية المرشح ورغبة أهالي الدائرة في قبوله كمرشح. كما أن المرشح في البلدي يحق له أن يملأ استمارة ويرشح نفسه في حين أن قائمة النيابي تعد من الأمانة العامة... وغيرها من الأمور وصولا إلى أن المرشح الذي يمتلك تاريخا سياسيا ونضاليا سيكون أوفر حظا فيما لو انطبقت عليه الشروط الأخرى.
لاحظوا، لم أقل إن هذا المعيار الوحيد الأوحد، ولم أقل إن من ستدعمهم الوفاق فقط ممن يملكون التاريخ النضالي، بل قلت إنه سيكون الأوفر حظا ليس فقط على مستوى الجمعية وإنما على مستوى عامة الناس. ومن حق أي شخص يرى في نفسه الكفاءة أن يرشح نفسه، ولكن تبقى مسألة الثقافة السياسية، وكيف يكون الإنسان ملتزما حزبيا، بمعنى أنه سينزل في دائرة ووجد أن هناك شخصا أكفأ منه في الدائرة نفسها، فيجب عليه أن ينسحب حتى لا يشتت الأصوات. وفي النتيجة النهائية الكل يعمل لمصلحة الوطن. هنا بدأت سخونة الحوار، وأعرف أن السؤال كان استفزازيا، ولكني أجبت على سؤالها. وتكشف لي أن السبب وراء استنفارها انها كانت عازمة على النزول في الدائرة الأولى الشمالية ضد الأمين العام لجمعية الوفاق، الشيخ على سلمان، وسألتها هل تضمنين الفوز لكي تقرري النزول في هذه الدائرة الصعبة تحديدا؟ دائرة الشيخ علي سلمان والشيخ حسين الديهي وحسن مشيمع وعبدالهادي الخواجة، من رموز الانتفاضة والأسماء البارزة في العمل السياسي والحقوقي؟ فأجابت بأنه لا أحد منا ضامن الفوز، ولكن التجربة جدا ممتعة وأرغب في تكرارها.
وسألتها: هل ترغبين في النزول لكي تفوزي أم لكي تستمتعي بالتجربة؟ أجابت بأن الموضوع ليس كذلك، وهنا لم يفتها انتقاد الوفاق و«الأخطاء الاستراتيجية» كما تزعم، التي وقعت فيها بسبب قرار المقاطعة والنتيجة تركيبة ضعيفة للمجلس. بعدها انتقلت إلى موضوع المرأة: هل الوفاقية ستشارك في الانتخابات المقبلة؟ والسؤال أخذ حقه الكافي من الإجابة المفصلة، فقد ذكرت أن الوفاقية لن تشارك في البلدي لقناعة تامة داخل التيار بأنه يتضمن تعقيدات ميدانية، أما النيابي فستشارك إن شاء الله، وذكرت المعايير التي تطبق على الرجل تطبق على المرأة، هنا استنتجت هي بأن المرأة إذاً لن تشارك! فقلت: وإذا لم تشارك مثلا فليس ذلك نهاية المطاف، فالمسألة أكبر بكثير من كون المشاركين نساء أو رجالا، فأنا لا أنظر إلى المسألة نظرة شكلية ولكن من يستطيع أن يدافع عن حقوق المواطن وتحقيق مكاسب على أرض الواقع فليتفضل ويأخذ دوره، ولتتقدم المرأة لتطالب بالحقوق، ولتنسق المرأة والرجل جهودكما ليحصل الناس على حقوقهم.
إنني لم أنكر حقيقة مشاركة المرأة في العمل السياسي أو النضالي لكي أحرمها من المشاركة، كما أنني لم أقرر عدم قدرة المرأة على المشاركة في العمل السياسي، بل أزعم بأنه من غير الصواب خلو قائمة الوفاق من وجود وجوه نسائية ليس تأكيدا على الشكل وإنما هو استحقاق لابد منه. كما أنه لابد أن نثق بالمرأة وبإمكاناتها الحقيقية، وهو بحد ذاته تمكين للمرأة لاكتساب الكثير من المهارات، فإذا استبعدت فكأنما حرمناها من فرصتها في ممارسة هذه الأدوار.
مسألة أن أكون مطلعة على التاريخ النضالي للمرأة في الخمسينات أو غيرها من الحقب التاريخية، نعم، أطلعت عليها ولم أكن حينها موجودة على وجه الأرض، ولا أقبل أن يزايد أحد في ذلك. وفي الوفاق لا أحد ينظر إلى المرأة نظرة منقوصة، بل هي مقدرة وشريكة فاعلة في صناعة القرارات مع الرجل، ولسنا نعيش التبعية لأحد أبدا، وكل امرأة وفاقية مستقلة في تفكيرها وتعبر عنه بلا إرهاب فكري كما تظن الكاتبة، ولكننا ننطلق دائما وأبدا من ثوابت الجمعية التي اتفقنا عليها ولم تفرض علينا فرضا، ونحترم القيادات الدينية ونلتف حولها ونهتم بتوجيهاتها، وهذا ليس عيبا بل هو مصدر قوة ووحدة، فالوضع في الوفاق وضع حزبي، وكل الأحزاب في جميع أنحاء العالم تفعل ما تحاول الوفاق أن تفعله، ولا نقبل بأن ينعت التيار الديني الشيعي بأنه متخلف وذو نظرة ضيقة، لأنه باختصار شديد ليس كذلك، ونراهن على الزمن في أن الناس يبدأون بتفهم ما تقوم به الوفاق. وأقول إن قراءة الكاتبة كانت مشوشة ومغرضة في آن واحد.
بقي أن أقول ان دخولي معترك الحياة السياسية ليس «شو» كما تدعين أو بهرجة إعلامية، ولكنه قناعة مترسخة ومتجذرة حتى النخاع بأهمية مشاركة المرأة على جميع أصعدة الحياة بما فيها الجانب السياسي. أشكرك جزيل الشكر على تجشمك مسئولية تقييمي وإصدار أحكام ضدي بأنني لا أصلح للعمل النيابي، على رغم أنني لم أطلب منك مثل هذا التقييم ولا أريده، لسبب بسيط جدا... لأن من يقوم بالتقييم يجب أن يفهم طبيعة العمل السياسي أولا، وأن يكون متابعا جيدا ثانيا... ونصيحتي الأخيرة أن تكوني أكثر موضوعية وعلمية ودقة حتى لا تقعي في الخطأ ذاته مرة أخرى
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1389 - الأحد 25 يونيو 2006م الموافق 28 جمادى الأولى 1427هـ