لا أعتقد أن هناك وافداً أو ضيفاً يرضى لنفسه أن يقطن مع فلذات كبده حبيس جدران غرفة أو اثنتين لا تتعدى مساحتها الأمتار المعدودة، لذلك نجد أن بعض الوزارات الخدمية تستأجر مساكن نظيفة في أفضل المواقع في البحرين من أجل إيواء موظفيها الأجانب، فكيف الحال بالمواطنين الذين ولدوا وعاشوا وبلغ أبناؤهم الرشد ومازالوا يتنفسون تراب هذا الوطن؟
مطالب أهالي «الدفنة» في المحرق والتي خرجوا من أجلها بالأمس في اعتصام بالقرب من مدخل البسيتين مشروعة، ولا أجد فيها سوى الدهشة والأسف على وضع أصحابها الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على السكن في عمارة، طمعاً في وحدة سكنية أرحب تلم شملهم حتى وإن اضطروا إلى الذهاب والمجيء سيراً على الأقدام لمراجعة طلباتهم في وزارة الأشغال والإسكان، فالبعض منهم شاخ وما عاد قادراً على المشي ومازال ينتظر بيته الموعود.
مهما قدمت وزارة «الإسكان» من مبررات، ومهما نظمت من مؤتمرات صحافية لتبرير موقفها من هدم تلك العمارات لإعادة بنائها من جديد وإرجاع من خرج منها إليها، فإن ذلك لن يشفي غليل المتضررين، فلا يعقل أن يبقى مواطن تزوج منذ عاماً وسكن في شقة بها غرفتان وحمام ومطبخ، من دون أن تكون له ذرية من الأولاد والبنات بعد مرور عشر سنوات على أقل تقدير. وعليه، كان من الأجدر أن تدرس الوزارة منذ سنوات أوضاعهم الاجتماعية لبحث آلية الاستجابة لطلباتهم وإخراجهم في وحدات مستقلة، بدلاً من تكديسهم بهذه الصورة التي لا تعبر عن احترام لإنسانيتهم وكرامتهم.
بالأمس احتفل أهالي البسيتين بوحداتهم السكنية التي خصصها لهم جلالة الملك، وفي الطرف الآخر احتفل آخرون مع الحشرات والقوارض التي تملأ شققهم حتى أصيب بعضهم بالأمراض، والأمل يملأ قلوبهم في أن يخرج أمر من القيادة السياسية ليرفع معاناتهم وليرسم البسمة على شفاههم كما ارتسمت على وجوه أهالي البسيتين
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1387 - الجمعة 23 يونيو 2006م الموافق 26 جمادى الأولى 1427هـ