العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ

أولوية التعليم يا نواب!

عبدالجليل خليل comments [at] alwasatnews.com

.

ماذا يدرس الطالب؟ هذا السؤال يتكرر في كل عام وفي مثل هذا اليوم من كل عام، وهو سؤال لا يمكن اختزال إجابته في عدة كلمات؛ لأنه ببساطة يمثل مستقبل الطلبة والطالبات، وما يهمهم جداً بعد التخرج من الثانوية العامة هو أن تكون الخيارات والفرص من البعثات أمامهم متوافرة، فعلى من تقع هذه المسئولية؟

صحيح أن مستقبل الطالب يعتمد على ما حققه من معدل في الثانوية العامة، فكلما حقق الطالب معدلا أكبر كانت الخيارات أمامه أكثر والبعثات التي يرغب في دراستها أفضل.

وصحيح أيضا أن الطالب يجب ألا يستسلم للعقبات بل ينبغي أن يكون طموحاً في مواصلة دراسته يبحث عن البدائل حتى لو لم يؤهله معدله لأية بعثة.

وصحيح أيضا كذلك ان القطاع الخاص عليه مسئولية وطنية في احتضان بعض الطلبة المتفوقين ودعمهم مادياً من أجل إحلالهم محل العمالة الأجنبية بدل الحديث فقط عن ضعف مخرجات التعليم وعدم أهلية الخريجين لسوق العمل من دون أن يقوم بأية مبادرات تذكر، وهذا دور غرفة التجارة والصناعة التي مازالت غائبة مغيبة عن هذه المهمة الحساسة!

ولكن الأصح في نظري، أن المسئول الأول هي الدولة بما تمتلك من إمكانات وموازنات، فهل ما تطرحه الدولة من بعثات يفي بالغرض ويحقق ما يطمح له الطلبة والطالبات بعد الجد والاجتهاد؟

أولاً: إن الوزارة - وربما من أجل جذب المؤهلين للعمل في قطاع التعليم - خصصت بعثات لأبناء المدرسين وأبناء العاملين في الوزارة، وكذلك لمنتسبي الوزارة بجامعة البحرين بشرط ألا تقل مدة خدمتهم عن سنوات، وألا يقل معدل الطالب بالثانوية عن في المئة، هذا ولاشك يرهق موازنة الوزارة وقد لا يحقق الهدف المرجو منه ألبتة.

وزادت ثانياً فوق ذلك عبئا آخر على الموازنة المتواضعة للبعثات حين خصصت بعثة لخريجي المدارس الخاصة، وكأنهم في أمس الحاجة.

ومع الأسف ثالثاً حين جاء دور الطلبة المتفوقين وعلى رغم أن الوزارة اشترطت نسبة في المئة فما فوق للحصول على بعثة أو منحة دراسية، إلا أنها - بحجة ضعف الموازنة - لم تطرح لهم العام الماضي إلا () بعثة ومنحة دراسية فقط يتقاتل عليها () طالباً وطالبة، حصلوا على النسبة المطلوبة واضطرت بعد ذلك لتعويض الباقي () بمنح مالية بمبلغ دينار سنوياً لكل طالب، وهي منحة لا تغني ولا تسمن من جوع رغم أن معدلات بعضهم يصل في المئة!

ثم هناك أمر مهم أجد الحاجة ماسة لطرحه في هذا السياق وهو تعدد الجهات المانحة للبعثات كبعثات مكتب سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، بالإضافة إلى بعض الوزارات التي لا تخضع لرقابة أو معايير موحدة، ولو كانت تحت سقف واحد لكانت الفائدة أعم وأشمل!

هذا من ناحية العدد، أما الكيف فمعظم البعثات مازالت دون المستوى المطلوب والمرغوب سواء من قبل القطاع الخاص أو الطلبة، إذ إن في المئة من البعثات يقذف بها في جامعة البحرين والتي هي بدورها مازالت تنتظر الدعم المالي من أجل أداء رسالتها بما يتناسب وجودة التعليم التي يطمح إليها الجميع. فلماذا لا يتم دعم هذه الوزارة ودورها الاستراتيجي بالموازنة المطلوبة إذا كان هناك إيمان بأولوية التعليم عند المسئولين كما نسمع ليل نهار؟

الشهر الماضي كتبت مقالاً في هذه الصحيفة تحت عنوان «أولوية التعليم يا حكومة»، ركزت فيه على الحاجة الملحة لضخ المزيد من المال لمعالجة الخلل في النظام التعليمي، مستدلاً ببعض الأرقام المقلقة في المرحلة الجامعية والثانوية والاعدادية، وكان للمهتمين أمل كبير أن تقدم الحكومة - كما صرحت مرارا-دعما معقولا للتعليم في موازنتها القادمة بعد الفائض النفطي! ولكن مع الأسف حين جاء الإعلان عن تقديم موازنة العامين و للمجلس الحالي وتم تسريب الأرقام المخصصة للتعليم أصيب الجميع بالذهول، إذ ظهرت أولوية الحكومة في دعم الأمن بدل التعليم، وكأننا في حرب، فزادت المصروفات المعتمدة للأجهزة الأمنية (وزارة الدفاع والداخلية وجهاز الأمن الوطني والحرس الوطني) بنسبة في المئة في موازنة عن المصروفات الفعلية للعام إذ بلغت مليون دينار، بينما لم يحصل التعليم إلاّ على في المئة فقط إذ زادت المصروفات المعتمدة من . مليون دينار العام إلى مليون دينار العام تصب كالعادة في المصروفات المتكررة من رواتب الموظفين وغيره!

ومع التحفظ على هذه الزيادة الضئيلة ( في المئة) فانه لابدّ من الاشارة أيضا الى أن حصة وزارة التربية والتعليم من إجمالي المصروفات قد تراجعت من في المئة للعام إلى في المئة للعام . فإذا كان هذا هو الحال وكان الأمن والدفاع أولى الأولويات عند الحكومة، فما هي الأولوية عند النواب؟!

لا أريد أن أكون قاسياً على النواب، ولكن لا يبدو من خلال المتابعة لأداء المجلس في السنوات الماضية أن لدى النواب أولوية واضحة أو برنامج الحد الأدنى تتفق عليه الكتل النيابية.

نعم، كان لي فرصة اللقاء عن قرب ببعض النواب على خلفية الأزمة المالية لجامعة البحرين التي بدأت في العام الماضي حين أعلنت الجامعة حالة التقشف إذا لم تدعم بمبلغ ملايين دينار، بالإضافة على موازنتها البالغة مليون دينار، والذي أقرته لجنة خدمات النواب يوم أمس بعد طول أناة.

ووجدت حقاً بعض النواب ممن يؤمنون بأهمية التعليم، لكن هؤلاء مجرد أفراد قلائل والقرار بيد الكتل الكبيرة، والخوف كل الخوف أن يمر موضوع الموازنة كما مرّ غيره بلا تعديل لصالح الوطن ومستقبل أبنائه وهذه فرصة النواب فهل يثبتوا لأبنائهم أن التعليم عندهم أولوية؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل خليل"

العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً