يبحث الخليجيون اليوم عن مفهوم حقيقي يطبق على أرض الواقع بشأن كيفية تحقيق التكامل الاقتصادي للمنطقة الخليجية ولاسيما أن مجلس التعاون الخليجي أخفق في تحقيق ذلك بصورة شاملة، والدليل إقامة وتنفيذ مشروعات مكررة بدافع المنافسة من بلد إلى آخر من بلدان الخليج.
إن المنطقة اليوم بحاجة ماسة إلى مثل هذا التكامل أكثر من أي وقت آخر الذي فيه قد تحل بعضاً من المشكلات مثل ملف البطالة في البحرين.
ولعل إنشاء جسر أو بالأصح معبر بحري يربط بين البحرين وقطر قد يحقق التكامل الاقتصادي الذي لم تحققه منظومة المجلس الخليجي، وهو بلاشك سيثري الجانب الاقتصادي بين البلدين، باعتبار أن البحرين من أهم المراكز المالية والمصرفية خليجياً وعربياً، بينما قطر تعتبر إحدى أهم دول العالم إنتاجاً للغاز الطبيعي، والتي ستكون في السنوات المقبلة الدولة رقم واحد على مستوى العالم من حيث إنتاج هذه السلعة.
وقد تكون تجربة الاتحاد الأوروبي خير برهان ويمكن لدول المنطقة الاستفادة منها، فالاتحاد بدأ بثلاث دول أوروبية هي هولندا وبروكسل ولوكسمبورغ، وبعد ذلك توسع شيئاً فشيئاً. فالأوروبيون اعتمدوا على عنصرين لإنجاح التجربة المستمرة حتى اليوم، وهما التكامل الاقتصادي واحترام حقوق الإنسان.
وفي نموذج البحرين وقطر فإن المراقبين ينظرون إلى البلدين بصورة أن الأولى في مرحلة التطور السياسي، بينما الثانية في مرحلة التطور الاقتصادي، وكلاهما يشكلان ثنائياً مميزاً قد يحل جزءاً من مشكلات المنطقة، وبهما قد تكون النواة الأساسية لبناء تكامل اقتصادي قد يشمل الجميع.
إن العلاقات البحرينية القطرية اليوم تشهد أزهى مراحلها، فمن بعد خلافات حدودية طويلة انتهت بقرار التحكيم الدولي وبتراضي الدولتين، فإن مشروع الجسر جاء ثمرة تطور هذه العلاقات التي عكست بكل تأكيد دلالات سياسية إيجابية وجديدة على مستوى البلدين.
هذا المشروع أبهج الجميع من العمال والشباب الباحث عن عمل، فمثلاً سيساعد على سهولة انتقال العمالة البحرينية للسوق القطرية وإثرائها بحيث لن يشكل عبئاً على خدمات الدولة القطرية، إذ إن البحريني يعود في آخر اليوم إلى محل إقامته في وطنه البحرين، بعكس العمالة الأجنبية التي تكلف الكثير وتحتاج إلى توفير خدمات من سكن إلى تعليم وصحة وغيرها.
أيضاً للمستثمرين نصيب من الاستفادة من حيث سهولة التنقل وتوقعات دخول رأس المال البحريني في مجالات استثمارية مثل العقارات في قطر، إلى جانب استفادة القطريين من القطاع المصرفي في البحرين.
كل ذلك مؤشرات إيجابية، منتظرة من مشروع جسر المحبة الذي سيربط البحرين بقطر... ونحن بانتظار هذا المستقبل
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ