تابعت عن كثب زيارة وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية لي تشاو شنغ للبحرين يوم مايو/ أيار الماضي إذ حظي باستقبال كبير من سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وكذلك استقبال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة. هناك ارتياح واضح لتطور العلاقات الثنائية بين البلدين، وتناولت المباحثات سير هذه العلاقات في الميادين السياسية والتجارية والاقتصادية والمالية والاستثمارية، وذلك منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في ابريل/ نيسان . كذلك تطرق الجانبان إلى مزيد من تعزيز العلاقات الصينية الخليجية والعربية. وخلال هذه الزيارة وقعت البحرين والصين مذكرة تفاهم سياسية من أجل تمتين التشاور السياسي بين البلدين. ومن الملاحظ أن العلاقات بين البلدين تشهد نمواً مطرداً، ولاسيما بعد الزيارة الرسمية لسمو رئيس الوزراء للصين في العام ، وقد تمخض عنها توقيع اتفاقاً بين البلدين، وتضمنت تبادل وجهات النظر بشأن مجالات التعاون بينهما إلى جانب تعزيز العمل الخليجي المشترك والمتعلق باتفاق التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون.
وهناك منتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد دورة أولى من قبل، وعقدت الدورة الثانية لهذا الاجتماع الوزاري عن المنتدى العربي الصيني في بكين في مايو الماضي وصدر بيان مشترك للصين والدول العربية، يدعو إلى زيادة التعاون في مجال الطاقة ودعم اقتراح العاهل السعودي بإنشاء مركز دولي مضاد للإرهاب. وأيدت الصين المبادرة العربية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في قمة بيروت للعام واتفق على شراكة بين الصين والدول العربية في مجال الطاقة والتدريب والتجارة والاستثمار. وزيادة الزيارات بين زعماء الطرفين ومختلف المسئولين. وهذه السنة تشهد الصين الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين. ويذكر أنه على هامش اجتماعات الدورة الـ للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/ أيلول ، عقد اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون مع وزير خارجية الصين لي تشاو شينغ، ورأس الاجتماع الوزاري لدول الخليج هذا الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
ومن الملاحظ أن هناك تطوراً متنامياً في العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون. وأود أن أشير هنا إلى أن التبادل التجاري بين الطرفين في العام كان مليار دولار، وقفز في العام إلى مليار دولار، وإلى مليار دولار في العام . والصين تعتبر منطقة الخليج مركزا إقليمياً مهماً لإعادة التصدير إلى بقية المنطقة العربية، وكذلك إيران وتركيا، وتسعى إلى تعزيز وجودها المالي والتجاري في هذه المنطقة المهمة من العالم. وهي تنتهج سياسة السوق المفتوحة للتجارة، كما أنها تدعو المستثمرين الخليجيين إلى الاستثمار في مختلف أقاليم الصين بحسب اتفاقات تحترم العقود المبرمة. وتتطلع إلى أن تستفيد دول الخليج من الخبرات الفنية والتقنية الصينية وفرص الاستثمارات في الصين. وترى الصين أن الطاقة هي محور تنمية العلاقات بين الطرفين، فالصين هي ثالث دولة بعد أميركا واليابان في استيراد النفط.
ولفت نظري في زيارة وزير خارجية الصين للبحرين أخيراً وجود مترجم صيني فقط من دون وجود مترجم بحريني أو عربي يجيد اللغة الصينية. وأرى أنه لابد أن يكون هناك مترجم من الجانب الخليجي أو العربي في هذه المباحثات المهمة. وهذا الإجراء عادة تقوم به كل الدول الغربية وأميركا والدول الأجنبية الأخرى بدل الاعتماد على المترجم الصيني. وأذكر أنه عند زيارتي الأولى لبكين في العام وكنت آنذاك عضواً من ضمن أعضاء وفد اللجنة السباعية العربية للمساعي الحميدة والمنبثقة عن الجامعة العربية، إذ بذلت هذه اللجنة مساعيها لوقف الحرب العراقية الإيرانية وكان يرأسها وزير خارجية الأردن طاهر المصري، وضمت عضوا عراقيا وآخر يمنيا، وذكر الوزير طاهر أنه طلب قبل توجهه إلى الصين مترجما عربيا يرافق أعضاء هذه اللجنة فكان رد الجامعة العربية بعدم وجود مثل هذا المترجم ضمن موظفيها، وعلى رغم أن هناك مئات من المصريين والعرب الذين درسوا هذه اللغة وأجادوها، فانهم يعملون في ميادين غير مجالات تخصصهم. وأخيرا يذكرني هذا الأمر بزيارة وفد دول مجلس التعاون لبكين لشئون الأسمدة في مايو ، والتقيت رئيس مؤسسة البتروكميائية مصطفى السيد، وهو ضمن وفود دول مجلس التعاون للتسويق لهذه الأسمدة التي تنتجها دول الخليج، وكانت الصين تستورد آنذاك نصف إنتاج الأسمدة العالمية، وعلمت أن هناك مترجما كويتيا حضر ضمن هذه الوفود. وزاد اهتمام الصين بهذه المباحثات وأصبح مجال المناورة أثناء النقاش لها محدوداً لأن هذا المترجم الخليجي كان ينقل كل التفاصيل الدقيقة التي يتناولها أعضاء الوفد الصيني فيما بينهم أثناء النقاش. واعتادت الصين أن ترى وفود دول الخليج في مثل هذه المباحثات التجارية المهمة يعتمدون على المترجم الصيني الذي ينقل عادة وجهات النظر التي تعود بالنفع على الجانب الصيني
إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ