العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ

إدارة الثورة والثروة المعرفية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

العالم يمر بثورة معلوماتية منذ فترة... البعض يقول إن هذه الثورة بدأت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي مع البدء بتشغيل اول كمبيوتر (وكان محدود الاستخدام إذ كان مقصوراً على الاستخدام العسكري للجيش الأميركي فقط)، والبعض الآخر يقول إنها في نهاية الستينات من القرن الماضي عندما اخترعت الانترنت (أيضاً كان استخدامها مقتصراً على الاستخدام العسكري للجيش الأميركي)، والبعض يقول إنها بدأت في الثمانينات مع انتشار أجهزة الحاسوب، والبعض يقول إنها في التسعينات عندما أصبحت الانترنت متوافرة للجميع...

مهما يكن، فان ما حصل في العالم ثورة حقيقية قلبت كل المفاهيم الكلاسيكية عن الاقتصاد، ولم يعد الحقل الزراعي أهم شيء لثروات الوطن (الزراعة تمثل نحو في المئة أو أقل من الناتج القومي لأكثرية الدول المتقدمة)، كما لم يعد رأس المال الذي يحرك المصنع هو أهم شيء (حالياً تمثل الصناعة نحو ربع الناتج القومي للدول المتقدمة، وهي في انخفاض مستمر ويتوقع ان تمثل مستقبلاً ما بين و في المئة من الناتج القومي)... المهم في عالم اليوم هو المعرفة، وبحسب ما تقوله الدول المتقدمة، فإن أكثر من نصف ناتجها القومي حالياً يأتيها من قدراتها المعرفية، بل ان المصنع والحقل لا فائدة منهما لولا وجود العامل المعرفي بينهما.

المعرفة للاقتصاد العالمي المتطور أصبحت مثل المياه بالنسبة إلى الحياة... والمعرفة ليست جهاز كمبيوتر، ولكن ما فعله الكمبيوتر هو تسهيل تدفق الثروة المعرفية. فالمعرفة هي الخبرة المكتسبة إنسانيا، ولا وجود للمعرفة من دون الإنسان، والإنسان يحتاج إلى المعرفة لكي يتخذ القرارات بهدف تحسين ظروفه الحياتية والصعود بها إلى مستويات عليا. ولكن هذه المعرفة تحتاج الى معلومات وأرقام، وما يفعله الكمبيوتر هو تجميع هذه المعلومات والأرقام والرموز ومن ثم تحليلها بالطريقة التي يريدها الإنسان. وعليه تتحول تلك الرموز الهائلة والأرقام والمعلومات الكثيرة العدد، والتي توازي في حجمها مياه المحيطات في العالم وتزيد على ذلك مع الأيام بمرات كثيرة... تتحول تلك المحيطات من المعلومات إلى معرفة إنسانية، إلى خبرة قابلة للاستخدام من قبل كل من له فهم وعقل وقدرة على التعلم.

ولأن كل البشر لديهم العقول، فان ما يحتاجون إليه هو التمكين/ والتمكين يتم من خلال التعليم/ والتعليم يحتاج إلى الأساليب والامكانات الجديدة التي توفرها تقنية المعلومات بكل ما تحويه من تنوع في الاجهزة والبرمجيات. لكنها جميعا ليست لها قيمة من دون الإنسان... لان الخبرة لها جانبان، احدهما يمكن تخزينه وتحليله بواسطة تقنية المعلومات، والآخر لايمكن ان يكون الا في العقل الداخلي للانسان... وهذه هي الخبرة المستبطنة في العقل والتي لا يستطيع أي كمبيوتر ان يحتويها، كما انها لا تستطيع أن تفعل دورها من دون الاستعانة بتقنية المعلومات.

وعليه، فإن الثورة المعرفية تحولت إلى ثروة عالمية كبرى، ومن يحصل على هذه الثروة يحتاج إلى التدريب المتطور ويحتاج الى التمكين ويحتاج الى حماية الملكية الفكرية... وعلى اساس ذلك، فان القانون الذي صدق عليه مجلس الشورى بسرعة البرق قبل ثلاثة أيام قد تظهر لنا فوائده مستقبلا، عندما ندخل العصر المعرفي من خلال المحافظة على مصادر ثرواتنا الوطنية جميعها (الأرض والمال والمعرفة).

ربما ان البعض سيقول إننا نوقع ونصدق على اتفاقات دولية وثنائية كثيرة، لكنها لا تفعَّل على أرض الواقع، ولكن مسيرة آلاف ميل تبدأ بخطوة، وما نحتاج إليه هو أن نعي أهمية بعض ما يتوافر لدينا بسبب بعض الجوانب الحسنة للعولمة، ونبني عليها لكي نختصر الزمن ونلتحق بالعصر المعرفي كمشاركين ومنتجين وقياديين، وليس مستهلكين فقط

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً