تباينت آراء اقتصاديين وعقاريين جرى الاتصال بهم بشأن السماح للأجانب وخصوصاً مواطني دول الخليج العربية بتملك الأراضي والعقارات في المملكة وهو الأمر الذي ساعد على صعود الأسعار في الآونة الأخيرة وحد من قدرة المواطنين البحرينيين على شراء أراضٍ سكنية.
وعلى رغم الجهود الحكومية وللمساهمة في توفير مساكن للمواطنين فإن المشكلة لاتزال متفاقمة وخصوصاً في ظل نقص المساكن المتوافرة وعدم قدرة البحرينيين على الحصول على تسهيلات مالية من المصارف التي تطالب أي شخص يرغب في الحصول على قرض لشراء أرض أو بناء مسكن له ألا يقل دخله الشهري عن دينار. واحالت الحكومة مشروعاً بقانون إلى مجلس النواب يسمح لغير البحرينيين بتملك الأراضي المخصصة للاستثمار والسياحة.
كما نص القانون المقترح على امكان تملك مواطني دول الخليج العربية لأراضٍ (غير مخصصة للاستثمار والسياحة) على شرط ألا تتجاوز حدودها خمسة آلاف متر مربع ويحظر بيعها إلا بعد خمس سنوات.
وقال المدير التنفيذي لشركة أملاك العقارية عصام عبدالعال: «الاراضي الواقعة في المناطق السكنية يجب أن تقتصر على البحرينيين فقط حتى يتسنى للمواطنين الحصول على أراضٍ سكنية تتناسب مع قدرتهم الشرائية».
وأضاف «أنا اتحفظ على الاراضي القريبة من المساكن، واتمنى ألا تخضع للمضاربات الاجنبية التي قد ترفع اسعارها إلى أرقام خيالية تفوق قدرة المواطن». مشيراً إلى أنه لا يمانع من تملك غير البحرينيين في الاراضي البعيدة عن السكن كالأراضي الاستثمارية والسياحية إلى جانب التملك في المشروعات الضخمة، وأكد أن تملك مواطني دول الخليج للأراضي والعقارات ليس السبب الوحيد وراء ارتفاع الاسعار، مشيراً إلى وجود الكثير من الأسباب منها الطفرة النفطية، توفر السيولة، اعطاء القروض، نزول الفائدة في المصارف، زيادة الطلب على المناطق وغيرها من الأسباب.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات يرجع إلى السماح لبعض المصارف بالتعامل في العقارات بما لها من قوة اقتصادية ومالية وتأسيسها شركات عقارية تستثمر أموالها في بيع وشراء العقارات في ظل قلة المعروض من الأراضي في الأسواق.
وذكر أن الهدف من فتح المجال لغير البحرينيين التملك هو استقطاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية لتطوير المناطق المخصصة للاستثمار والسياحة وبنائها وتحويلها إلى منشآت حيوية، والسماح لهم بالتملك في الاراضي السكنية التي يطمح المواطنون إلى شرائها أمر يتعارض مع الهدف المنشود من السماح لغير البحرينيين بالتملك.
وأيد ان يمتلك غير البحرينيين في المشروعات الضخمة لأن اسعار العقارات فيها مرتفعة جداً تفوق قدرة المواطن المالية، وبالتالي تسويقها يعتمد على غير البحرينيين الذين يمتلكون القدرة الشرائية. وقال: «كل ما أعارضه في تملك غير البحرينيين العقارات الواقعة في المناطق السكنية فقط».
من جهته، دعا أمين سر ورئيس لجنة العلاقات العامة بجمعية البحرين العقارية ناصر الأهلي إلى مراجعة قانون التملك السكني للخليجيين، لأنه يسبب ارتفاعاً في أسعار العقارات تحول دون شراء المواطن قسائم سكنية، وبالتالي تزداد المشكلة الاسكانية لدى المواطنين، مع وجوب النظر إلى وضع المواطن لا إلى المصلحة الشخصية المادية، وشدد على أن تكون العقارات السكنية خاصة بالبحرينيين، وفتح المجال للخليجيين في الاستثمارات الكبيرة مثل درة البحرين، جزر أمواج، ومرفأ البحرين المالي والقطاعات الكبيرة التطويرية التي تحتاج إلى أموال كبيرة.
وعن سبب ارتفاع أسعار العقارات، قال: «فتح المجال لغير البحرينيين شراء الأراضي والعقارات إلى جانب وجود شركات عقارية ضخمة تمتلك قدرة مالية هائلة من خلالها تسيطر على السوق العقارية والدخول في مضاربات تشعل الأسعار».
وأضاف «ومن الأسباب أن مؤسسة نقد البحرين فتحت المجال لبعض المصارف بالتعامل في العقارات بما لها من قوة اقتصادية ومالية إلى جانب ارتفاع القيمة الايجارية للعقارات المبنية ما شجع أصحاب رأس المال على الاستثمار في العقارات ما يزيد الطلب في سوق العقار مع قلة العروض».
وعن شروط تملك غير البحرينيين قال: «يمكن الالتفاف حول القانون، فإذا كان القانون يشترط ألا تتجاوز حجم الارض خمسة آلاف متر مربع، فيمكن تقسيم الأرض الكبيرة إلى عدة أقسام، أو شراء الكثير من الأراضي ذات خمسة آلاف قدم مربع». وذكر ان الشرط الذي يفرض عدم بيع الأرض الا بعد خمس سنوات سيقلل من المضاربات في الاراضي وبالتالي يحد من الارتفاعات الحادة للأسعار.
وتوقع أن يستمر النمو في القطاع العقاري لتوافر السيولة ووجود مشروعات مثمرة في الوقت الحاضر لم توجد من قبل، وان كل المؤشرات تدل على نمو القطاع بصورة تدريجية تختلف عن السنوات الماضية ما يعزز السوق العقارية ويحسن الدور الاقتصادي الذي يلعبه القطاع في السوق المحلية. وطالب الأهلي بتطبيق نظام القانون العقاري الموحد لدول الخليج العربية الذي يضع شروطاً لتملك مواطني دول الخليج والتي تهدف لمنع المضاربات التي تضر المواطن في بلده.
ومن جهته، قال الاقتصادي حسين المهدي: «إن أي إجراء من شأنه تنظيم سوق العقار ويهدف في المحصلة النهائية إلى دعم ورفع مستوى التنافسية للمواطن بمعنى أن يشتري العقار باستخدامه الشخصي او يبيعه للاستثمار، فان مثل هذه الإجراءات تعتبر مقبولة وايجابية».
وأضاف «يجب ان نقف عند القرار المتعلق بالتعامل في قطاع العقارات من قبل مجلس التعاون، والذي حدد المساحة والفترة ونوعية الاستثمار، فلا شك ان مثل هذه الاجراءات المنظمة ستعزز حركة التعاملات في هذا الاتجاه وبالتالي تنظم عملية البيع والشراء وتقتصر على مناطق محددة ما يبعد هذه القطاع عن ما يسمى اقتصاديا (التشوهات السعرية)».
وعن المضاربات في العقارات قال: «المضاربات التي تهدف إلى تحقيق أرباح غير حقيقية وفي فترات قصيرة تضيف عبئاً على المواطن كون العقارات والاراضي تميزت في ارتفاع السعر اساساً وإذا ما أضيفت إليها الامور الأخرى أي (التشوهات والمضاربات) فانها تضيف عبئاً إضافياً يؤدي إلى عدم مقدرة المواطن بصفة خاصة والمستثمر البحريني بصفة عامة من التداول ومن شراء العقارات».
ودعا إلى مراجعة سوق العقار البحرينية والوقوف على الاسباب التي رفعت الاسعار إلى مستويات قياسية ومعالجتها بما يلبي طلب المواطن وطلب عائلته على إنشاء مسكن وبالتالي حل مشكلة الاسكان في البحرين.
وأكد ضرورة وجود الاجراءات القانونية المنظمة لسوق العقارات بحيث لا يكون هناك تجاوزات له. مشيراً إلى أهمية تحديد كمية الاراضي التي يمكن لغير البحرينيين تملكها، مؤكداً ان وضع شرط عدم تجاوز مساحة الأرض خمسة آلاف متر مربع يمكن الالتفاف عليه، إذ يمكن تقسيم الأرض الكبيرة إلى عدة أجزاء، إلى جانب شراء عشرات الاراضي التي لا تتجاوز مساحتها عن خمسة آلاف متر مربع، وبالتالي يتملك غير البحريني مساحة إجمالية ضخمة.
وأشار إلى أن الشرط الذي يحدد بيع الأرض او العقار بعد خمس سنوات يحد من المضاربة ويقلل من احتمالاتها وآثارها بحيث يعطي طابع صفة الاستثمارية بدلاً من صفة المضاربة، وبالتالي يقلل من تشوهات الأسعار ويجعل من التعامل في السوق العقارية تعاملاً مستقراً يفيد من ناحية الاقتصاد الوطني عبر دعم معدلات النمو المستقرة من ناحية واعطاء المواطن والمستثمر الفرصة للتخصيص الاستثماري من ناحية آخرى.
وذكر المهدي ان إجمالي عدد ونسبة المشترين للعقارات في البحرين من دول مجلس التعاون العربية لا تتعدى و في المئة، من إجمالي المتعاملين ما يعطي صفة التعامل في هذا القطاع صفة المحلية أكثر من الخليجية، مشيراً إلى أن دخول الشركات الكبيرة على الخط في القطاع العقاري هو السبب في ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة.
ونقلت تقارير صحافية عن قول حكومة مملكة البحرين: «إن غير البحرينيين من مواطني دول مجلسي التعاون يتعاملون في العقارات في المملكة منذ أكثر من ثلاثة عقود وظاهرة ارتفاع الأسعار حديثة لم تظهر إلا في السنتين أو الثلاثة الأخيرة فضلاً عن أن تعامل غير البحرينيين سواء من مواطني دول مجلس التعاون أو من غيرهم في العقارات في المملكة يمثل نسبة قليلة إذ إن عدد ما تم تسجيله من معاملات من مطلع العام حتى آخر إبريل/ نيسان يبلغ مجموعه معاملة ومن ثم لا يكون لمواطني دول مجلس التعاون دور ملموس في زيادة أسعار العقارات في المملكة، وعليه فان تقييد ملكيتهم للعقارات على النحو الوارد باقتراح مجلس النواب لن يؤدي إلى انخفاض الأسعار».
وقال رجل الأعمال عبدالحكيم الشمري: «الأنظمة والقوانين في البحرين تعد الأكثر مرونة في التعامل مع غير البحرينيين بالنسبة لتلك العقارات والاراضي والمباني».
وأضاف «شهدت المرحلة السابقة اقبالاً شديداً من قبل المستثمرين الخليجيين نظراً للوفرة النقدية التي يتمتعون بها، ما أدى إلى استثمارات ضخمة في بناء العقارات ذات الطابع السياحي والسكني الراقي، والتوجه إلى بناء عقارات ذات الشقق المعروضة للبيع».
وذكر أن بروز شركات عقارية بحرينية ضخمة ستحل بشكل تدريجي محل الخليجيين على الصفقات العقارية الضخمة نظراً لتوفر رؤوس الأموال، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تقلصاً في الاستثمارات الخليجية في العقارات نظراً لوجود البديل والمنافس القوي.
وذكر أن ارتفاع الاسعار ظاهرة من ظواهر السوق نظراً لوجود سيولة وفيرة، وقال: «ما دام هناك طلب على العقارات والاراضي فإن أسعارها ستشتعل».
وأوضح أن ارتفاع الاسعار بشكل جنوني سيؤثر سلباً على الدورة الاقتصادية المتعلقة بالاستثمار العقاري، مشيراً إلى إن بقاء الاسعار على ما هي عليه ستؤدي إلى نتائج عكسية توقف النمو العقاري. وعن الشركات العقارية الضخمة قال: «الشركات يمتلكها مواطنون، جاءت لتلبية الطلب الموجود». وأضاف «بالنسبة لشراء الخليجيين العقارات في البحرين فهو امر ايجابي سيدعم البحرين ويثبت اسمها على خريطة الاستثمار
العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ