المواطنون الذين يملكون الأراضي في المنطقة المحصورة بين عالي من الجنوب وسلماباد من الشمال تفاجأوا في هذا الأسبوع لتلقيهم رسائل صادرة من مكتب وزير شئون البلديات والزراعة، لتعلمهم بأن الوزارة سوف تقوم باستملاك أراضيهم للمنفعة العامة، وأن السعر المثمن لهذه الأراضي هو أربعة دنانير للقدم المربع... المواطنون المساكين أصيبوا بالذهول من السعر المعروض (أو المفروض) عليهم بدلاً من أراضيهم، لأنهم يعلمون بأن السعر المتداول للقدم المربع في هذه المنطقة يتراوح بين و ديناراً للقدم المربع، والبلدية تفرض عليهم أقل من ثلث السعر.
المسلسل الكويتي القديم (درب الزلق) والذي قام ببطولته عبدالحسين عبدالرضا مع سعد الفرج كانت تدور قصته في الأصل عن موضوع التثمين الحكومي للأراضي والبيوت في دولة الكويت بقصد تملكها للمنفعة العامة وشق الشوارع... وبحسب ما شاهدنا وعرفنا فإن الحكومة هناك كانت تدفع بسخاء للمواطنين من أجل إقناعهم ببيع ما يملكونه من أراض وبيوت للحكومة، على أساس أن المبلغ المستلم يكفيهم لشراء أراضٍ بديلة وإقامة البناء عليها... طبعاً (حسينوه) تسلم مبلغ التثمين الكبير وبذره في محاولة لشراء الأهرامات المصرية وشحنها بحراً إلى دولة الكويت.
الدرس المهم الذي خرج منه المشاهد والمتابع لمسلسل (درب الزلق) هو أن الحكومة الكويتية كانت ومازالت تدفع بسخاء للمواطنين الكويتيين الذين يملكون الأراضي الداخلة في المخططات المستقبلية للمشروعات الحكومية... والمحظوظ هناك هو من تصله رسالة رسمية من الجهات الحكومية لتخبره بأن أرضه أو عقاره قد تم تثمينه وهو في السبيل إلى الاستملاك من أجل المنفعة العامة... يقوم هذا المواطن المحظوظ بإبلاغ أهله وأصحابه بهذا الخبر المفرح، ويقيم حفلة كبيرة يدعوا إليها كل المعارف والجيران ليتلقى التهاني والتبريكات منهم لحصوله على هذا التعويض (الدسم).
المواطن الكويتي يثمن هذه الخطوة الإيجابية من حكومته فيشكرها ولا يرفض لها طلباً... أما عندنا في البحرين فإن الأمور تجري بالمعكوس، والمواطن الذي يملك أرضاً تساوي مبلغاً كبيراً من المال تأتي السلطات الحكومية وتريد الإستيلاء على هذه الأرض بمبلغ أقل ما يقال عنه بأنه ثمن بخس... وأنا والمواطنون الذين ظلموا بهذه التسعيرة التي وضعتها هيئة التثمين التابعة لوزارة شئون البلديات والزراعة نسأل عن الطريقة العجيبة (والخلطة السحرية) التي مكنت هذه الهيئة من وضع أسعار متدنية (وثلثية) لأراض سكنية في منطقة معروفة بسعر محدد لا يقل عن ثلاثة أضعاف.
السؤال القوي والمطروح في هذه الأيام على الساحة البحرينية هو لماذا تريد الحكومة الاستيلاء على هذه الأراضي؟... هي تقول للمنفعة العامة، طيب ماهي المنفعة العامة للمواطن البحريني من إستيلاء الحكومة على هذه الأراضي ؟... بعض الناس يقولون بهدف إنشاء منازل للمواطنين ذوي الدخل المحدود وضمها لمدينة زايد، إنزين ألحين إللي ما عنده يدفع المبالغ الصحيحة لقيمة الأراضي التي يريد استملاكها من ملاكها الأصليين من وين راح يجيب المبالغ التي تكفي لإقامة المدينة السكنية من بيوت وشوارع وخدمات مائية وكهربائية؟... أو أن الموضوع فيه (إنَّ).
هذه (الإن) هي أن وزارة الإسكان تريد أن تحصل على الأراضي بسعر الأربعة دنانير للقدم المربع، ومن ثم سوف تقوم ببناء بيوت صغيرة بالطريقة الإسكانية المعروفة في البحرين (نص بيت وبالتلصيق)، وبعدها ستوزع البيوت على المواطنين المحتاجين (وذاك من ذاك إللي بيحصل بيت)، وستحسب سعر البناء إضافة إلى السعر الرسمي للأرض (وهو ديناراً للقدم) وتضعه على ظهر المواطن الكحيان، وبهذه الطريقة تكون القيمة المسترجعة للمساكن الشعبية هي ثلاثة أضعاف القيمة الأصلية والمصروفة من قبل بنك الإسكان... والله خوش كلام وفعل.
هذه أحسن طريقة لإدارة الاستثمارات الحكومية... الوزارات تستفيد من على ظهر المواطنين المساكين... فالمواطن الذي يملك أرضاً قيمتها ألف دينار يتسلم (وبالقوة) مائة ألف دينار فقط، وتؤخذ الأرض ويقام عليها ثلاثون منزلاً (تشيكويتوا) بقيمة مئة ألف دينار أخرى، ثم توزع هذه المنازل على المواطنين وتحسب عليهم بقيمة عشرين ألف دينار للمنزل الواحد، ويصبح المبلغ الإجمالي المستلم من الفقراء هو ستمائة ألف دينار بالتمام والكمال... يعني الفائدة ثلاثة أضعاف المبلغ
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1384 - الثلثاء 20 يونيو 2006م الموافق 23 جمادى الأولى 1427هـ