أول دستور تضمن كلمات تقوم بموجبها هيئة سياسية حاكمة جاء في المراسيم الأساسية لولاية كوناتيكت الصادرة العام . وأول مرة استعملت فيها كلمة «دستور» كان في دستور فرجينيا الصادر العام .
الأميركيون علموا الفرنسيين فنون الدسترة للحقوق، كما أن مسودة «الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن» المنجزة العام ، والتي تعتبر من أهم الوثائق التي كتبت عن حقوق الإنسان في التاريخ، تحتوي على هوامشها بعض التعديلات والملاحظات لـ «جيفرسون». وهكذا تجمع الفرنسيون كذلك حول الحاكم موريس المصمم الرئيسي لمواد دستور الولايات المتحدة عندما زار لندن.
من جهة أخرى، يبدأ الدستور البولندي بمقدمة دستور الولايات المتحدة نفسها، واستعانت كل من ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا واسبانيا والبرتغال بخبراء ميركيين في وضع دساتيرها الوطنية. بل انها نسخت منه بعض الفقرات والنصوص من دون أي تغيير.
كما ترك الدستور الأميركي أيضاً تأثيره على تطوير النظام الفيدرالي في أميركا اللاتينية. وأصبحت فنزويلا والأرجنتين دولتين فيدراليتين، إضافة إلى المكسيك والبرازيل اللتين وضعتا دستوريهما الوطنيين العام . وكذلك هي الحال في ليبيريا في دستورها العام والذي كتب وصاغ معظم مواده أستاذ من كلية الحقوق في جامعة «هارفرد».
الدستور المكسيكي الذي تم التصديق عليه العام ، والذي يصنف على أنه واحد من أهم الدساتير تاريخياً التي صدرت في العالم، من حيث أنه أول دستور يعترف بالحقوق الاقتصادية والثقافية إضافة إلى السياسية للشعب، ولقد أخذت هيكليته الداخلية كما الكثير من نصوصه مباشرة من دستور ولاية «فيلادلفيا». كذلك اليابان والهند دول تأثرت دساتيرها بالنموذج الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية أيضاً.
نيجيريا ايضا، والتي تمتلك أعلى نسبة سكان في قارة إفريقيا، تخلت عن نظامها البرلماني الذي ورثته عن بريطانيا وتبنت دستوراً جديداً ينص على تشكيل حكم رئاسي مشابه للنظام الرئاسي الاميركي. كما كان التأثير الأميركي واضحاً في نصوص الدساتير التي تبنتها كندا، وهندوراس العام ، والسلفادور العام ، وغواتيمالا العام ، والفليبين العام .
يقول بلوستاين «تملك أميركا دستوراً هو أطول الدساتير عمراً في العالم. إذ صمد الدستور الأميركي بوجه اختبار الوقت والذي يسمى قاتل الحضارات».
هذه المقدمة الطويلة هي محاولة بسيطة لاستيضاح قارئي العزيز ما إذا كان مازال يؤمن أن الولايات المتحدة هي مجرد مستعمرة قصدها المجرمون من سكنة أوروبا، كما يروج/يهرج علينا بعض الإعلاميين، أم أنها حضور إمبراطوري «متغول»، لابد من أن يخضع لقراءة تاريخية جديدة، ومن مستوى جديد
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1384 - الثلثاء 20 يونيو 2006م الموافق 23 جمادى الأولى 1427هـ