يبدو أن حكومتنا مصممة على تخصيص المزيد من الأموال لأغراض الأمن والدفاع وليس لقضايا التنمية. وللتدليل على ما نقوله، يلاحظ أن الحكومة خصصت مبلغا قدره مليون دينار لأغراض الأمن والدفاع في العام . وبالمقارنة خصصت الحكومة مليون دينار لكل المشروعات الرأس مالية للسنة نفسها.
تفترض الموازنة أن تبلغ قيمة جميع المصروفات مليون دينار في العام على أن ترتفع قليلا إلى ملايين دينار في العام . تنقسم المصروفات بدورها إلى متكررة وغير متكررة (المشروعات). خصصت الحكومة نحو مليون دينار، أي نحو في المئة للمصروفات المتكررة في كلا العامين.
وهنا يأتي العجب العجاب، فقد قررت الحكومة تخصيص مبلغ قدره مليون دينار (أي مليار دولار) في العام فضلا عن مليون دينار في العام لأغراض الأمن والدفاع. وتمثل هذه الأرقام ما نسبته في المئة من المصروفات المتكررة.
يلاحظ أن هناك أربع مؤسسات مسنودة إليها مهمة الأمن والدفاع في البلاد. وهذه الكيانات عبارة عن - وزارة الداخلية، - جهاز الأمن الوطني، - وزارة الدفاع، - الحرس الوطني.
خصصت موازنة العام مبلغا قدره مليون دينار لوزارة الداخلية فضلا عن مليون دينار لجهاز الأمن الوطني. وحتى الماضي القريب كان جهاز الأمن الوطني جزءا لا يتجزأ من وزارة الداخلية. والغريب أن التحول جاء بعد تدشين عملية الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. أما في العام ، فتمت زيادة مصروفات وزارة الداخلية إلى مليون دينار مع المحافظة على الرقم المخصص لجهاز الأمن الوطني.
يبقى أنه على رغم كل هذه الأموال لا يحس السكان والزوار بتوافر الأمان بالضرورة في البلاد بدليل كثرة الجرائم وتنوعها، فقد أصبحت السرقات ظاهرة منتشرة في البلاد وفي كل الأوقات. السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا تعمل وزارة الداخلية بهذه الأموال أو بالأحرى على ماذا تبذرها؟ من جهة أخرى، جاء في تقرير النيابة العامة أن نحو ألف قضية وردت إلى النيابة في العام منها ألفاً ضمن خانة الجنحة.
كما أن هناك مبلغاً إضافياً قدره مليون دينار مخصص لوزارة الداخلية ضمن مصروفات المشروعات للسنة المالية . بمعنى آخر، فإن المبلغ الفعلي المخصص لوزارة الداخلية هو مليون دينار في العام المقبل لتغطية المصروفات المتكررة والرأس مالية.
إضافة إلى ذلك، خصصت الحكومة مبلغا قدره ملايين دينار لوزارة الدفاع فضلا عن مليون دينار لوزارة الحرس الوطني في موازنة العام . وترتفع هذه الأرقام إلى مليون دينار و مليون دينار لوزارتي الدفاع والحرس في موازنة العام على التوالي.
ويلاحظ بأن الرقم المخصص لوزارة الدفاع يعتبر الأكبر على الإطلاق بين كل الوزارات والأجهزة الرسمية. على سبيل المثال، تم تخصيص مليون دينار لوزارة التربية والتعليم في موازنة العام والتي بدورها تأتي في المرتبة الثانية بين حجم المصروفات المخصصة لوزارات المملكة. من جهة أخرى، يلاحظ بأن الحكومة لم تفصح عن الأموال المخصصة لشراء الأسلحة ربما لأسباب أمنية استراتيجية.
كما هو ظاهر في الجدول، فقد تم تخصيص مليون دينار لأغراض الأمن والدفاع في العام . بيد أنه حدث تراجع في قيمة المصروفات الفعلية بواقع مليون دينار. بالمقابل، قررت الجهات الرسمية زيادة مصروفات الأمن والدفاع في العامين المقبلين بشكل كبير نسبياً من دون تقديم الحجج.
حقيقة، لا يعرف سر الاندفاع الحكومي وراء زيادة مصروفات الأمن والدفاع مع تأكيد الجهات الرسمية بين الحين والآخر أن البحرين بلد الأمان. فحسب تقارير الحكومة المرسلة للجهات الخارجية فإن بلادنا تنعم بالأمن والطمأنينة. حقيقة، لا يوجد مبرر لضخ أرقام خيالية في أربع مؤسسات تهتم بالقضايا الأمنية والعسكرية. المطلوب من الحكومة تخصيص المزيد من الأموال لأغراض التنمية، ونأمل أن تراجع الحكومة حساباتها مرة أخرى وتقرر تخصيص المزيد من الأموال لقضايا التنمية وليس الأمن والدفاع.
ختاماً، يمكن الزعم بأن الحكومة خصصت أرقاماً مخيفة لشئون الأمن والدفاع في موازنة كل من العامين و. نقول إن الأرقام مخيفة وذلك بالنظر إلى حاجة البلاد إلى أموال ضخمة لقضايا التنمية. نتمنى أن لا يكون الهدف من وراء تخصيص المزيد من الأموال لشئون الأمن يهدف إلى تحويل البحرين إلى دولة بوليسية، فالمواطن يريد أن يعيش في دولة ديمقراطية وليست بوليسية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1384 - الثلثاء 20 يونيو 2006م الموافق 23 جمادى الأولى 1427هـ