العدد 1383 - الإثنين 19 يونيو 2006م الموافق 22 جمادى الأولى 1427هـ

حماية الملكية الفكرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مرر مجلس الشورى أمس، بسرعة وبهدوء، «مشروع قانون بشأن حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة»، وذلك بهدف التسريع في البدء بتنفيذ اتفاق التجارة الحرة بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية. فاتفاق التجارة الحرة ينتظر إصدار هذا القانون بصورة أساسية، وبانتظار أن تتأكد الإدارة الأميركية بأن حماية المنتجات المعرفية لها آليات في البحرين، قبل الشروع في تنفيذ اتفاق التجارة الحرة بين البلدين... ولذلك، وفي خلال نصف ساعة (يوم أمس) ناقش أعضاء مجلس الشورى مادة في القانون، ووافقوا عليها جميعها.

ما هي أهمية حماية الملكية الفكرية بالنسبة للعلاقات بين أميركا (العملاق الأكبر اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً) والبحرين؟ وللجواب على هذا السؤال ينبغي أن ننسى فارق الحجم في القوة، ونتذكر أن أميركا تريد أن تبدأ بتفعيل اتفاقات نموذجية تستخدمها لاحقاً في توسيع رقعة علاقاتها الاقتصادية التي تقوم على أسس محددة.

ففي اقتصاد اليوم، أصبحت المعرفة هي المحرك الأساسي للاقتصاد، وعلى هذا الأساس يطلق على عصرنا عصر المعلومات، أو عصر المعرفة، لأن الأرض والمكنة ليسا بالأهمية الكبرى عند مقارنتهما بالمعرفة... واقتصادات الدول الكبرى حالياً تعتمد في قوتها على المعرفة أساساً.

قديما، في العصر الزراعي (ما قبل الصناعة)، كانت الأرض هي الثروة الكبرى في أي مكان، ولذلك انتشرت ثقافة وسياسة الاقطاع. وعندما دخل العالم عصر الصناعة (منتصف القرن الثامن عشر) أصبحت المكنة هي سيدة الموقف، ونتج عن ذلك النظام الرأسمالي الذي يستطيع تحريك المصانع بالقوة المالية. أما في العصر الحالي (ما بعد الصناعة)، فإن سادة الموقف هم أصحاب الأفكار والإبداعات، والشركات التي لا تمتلك الأرض الكثيرة، ولم تكن تمتلك أي مال (مثل شركة «غوغل»)، أصبحت اليوم هي التي تحرك الاقتصاد.

على أن سرقة الأفكار أسهل من سرقة المال، وسرقة المال أسهل من سرقة الأراضي... وكما أن العالم لا يستقيم إذا كانت مصادر ثرواته تسرق، فإن التشريعات التي تعتمدها المجتمعات التي لها شأن وشوكة تقوم أساساً على حماية المصادر الكبرى للثروات. ونحن في البحرين نحتاج إلى قانون يحمي الأفكار لكي لا تتم سرقتها بقدر مانحن بحاجة إلى منع سرقة مصادر الثروات الأخرى.

إن حماية الملكية الفكرية تعتبر ذات أهمية استراتيجية بالنسبة إلى الاقتصاد المتطور في أميركا وغيرها من الدول المتقدمة، وهي أيضاً مهمة بالنسبة إلينا لأننا جزء من العولمة التي تسيطر على مجريات الأمور في شتى المجالات. وعلينا أن نعرف كيف نحافظ على مصادر ثرواتنا، ومن بين ذلك تشجيع الإبداع وحمايته.

الخلاف بين الصين (وهي العملاق الصاعد حالياً) مع أوروبا وأميركا يدور حول حماية الملكية الفكرية، والمفوضية الأوروبية أعلنت قبل عدة شهور أن الصين «لاتزال المصدر الرئيسي للسلع المقلدة التي يجرى تداولها في الاتحاد الاوروبي» في حين تكرر الصين أنها ستعاقب من ينتهك قانون حماية الملكية الفكرية في بلادها. والصين التي تلاحقها أوروبا وأميركا لمنع سرقة الأفكار، ستقوم هي بملاحقة الأخرى خلال العقد المقبل عندما يصبح اقتصادها موازياً للدول الكبرى حالياً

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1383 - الإثنين 19 يونيو 2006م الموافق 22 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً