أنباء اليوم والأمس، والأيام والأسابيع القليلة الماضية، تفيد بأن ميليشيات «المحاكم الإسلامية» هذه أحكمت السيطرة -على العاصمة مقديشو ومدينة جوهر (دون قتال عملياً)، إذ طردت منها أمراء الحرب للمرة الأولي منذ العام . الترجمة الموازية لهذه الانتصارات هي هزيمة القوات التابعة لأمراء الحرب هؤلاء، الذين يضمهم التحالف من أجل السلم ومكافحة الإرهاب، المدعوم مباشرة - وكما ينبغي أن يوحي الاسم! ـ من واشنطن رائدة السلم وقائدة مكافحة الإرهاب!.
خلال السنوات الماضية ظلت الولايات المتحدة توهم أمراء الحرب بنظريتها ذات النتائج المدمرة بعيدة الأثر، وهي «لا حضانة للتشدد الإسلامي الذي يخلق نظام طالبان جديداً، ويصنع موضوعيا ظواهر التطرف والإرهاب، ولكن لا بأس أن تفتحوا ثغرا جديدا لتشدد بهوية مختلفة وأجندات ملتهبة».
هزيمة أمراء الحرب هي هزيمة للإدارة الأميركية التي ساندتهم، وقدمت لهم المال والسلاح، ومارست ضغوطا على دول الجوار لتسهيل الإمدادات العسكرية والغذائية إليهم. الإدارة الأميركية دعمت زعماء الحرب كرها بالمحاكم الشرعية وقواتها، وخشية من تكرار تجربة «طالبـــــان».
الغالبية العظمي من المصائب الكبرى التي حلت بالصومال في السنوات الماضية جاءت بسبب التدخل الأميركي في منطقة القرن الإفريقي، ولأسباب لها علاقة بسياسات الهيمنة التي تتبعها الإدارة الأميركية الحالية في مختلف بقاع العالم الإسلامي.
فالإدارة الأميركية دعمت دائما الأنظمة الديكتاتورية القمعية الفاسدة، وميليشيات قطاع الطرق الخارجة على القانون، مثلما فعلت في الصومال. فكيف تساند إدارة أميركية من المفترض أنها تقود العالم الحر، وتسعي من أجل الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، ميليشيات خارجة علي القانون، وتمارس عمليات القتل والترويع للسكان في وضح النهار؟
حتى اسم هذا التحالف مضلل، فكيف يطلق على نفسه تحالف زعماء الحرب من أجل السلام ومقاومة الإرهاب والمنخرطون فيه هم الذين مزقوا البلاد ونسفوا استقرارها؟
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1382 - الأحد 18 يونيو 2006م الموافق 21 جمادى الأولى 1427هـ