قال شكسبير «العالم مسرح بأكمله«، فكل واحد منا يعيش حياته في الصورة التي هو يرى فيها نفسه، عاكساً على العالم ما يتخيله وما يعتقده. ويمر الفرد عبر مراحل كثيرة تختلف من شخص إلى شخص ومن زمن إلى زمن، لكن تبقى الحقيقة ثابتة وهي أن الإنسان سيد قراره وهو الذي في نهاية المطاف يفعل أو لا يفعل. فمهما تصور أو تخيل الشخص نفسه، هو لا يمكنه أن يكون على ما هو عليه اليوم إلا عبر التفعيل وبمنطق شكسبير، التمثيل.
لا نقول إن على الناس أن يتصنعوا أو يتخذوا مواقف أقرب من التبجح والتملق بدلاً من الصراحة والتواضع. كلا، بل نقول إن على الفرد ألا يقلل من شأنه أو يفقد عزة نفسه مهما ضاقت ظروف الحياة وزاد العسر، وعليه أن يثابر ويصبر ويواصل بما يؤمن به مهما انقلبت الأمور ضده، فعليه أن يلتزم بالطبيعة، بالشخصية التي هو يريدها و يؤمن بها.
أذكر في أحد الأيام كنت أتحدث مع محامٍ متقاعد من نيويورك. لقد ناهز السبعين من عمره ولكنه تمتع بحدس حاد وسلامة العقل. كنا نناقش كيف يفقد المرء أحلامه وأهدافه سرعان ما يغتمر بالواقع الذي يدور حوله. البعض بدأ حياته بأمل وأحلام اليقظة، لكن سرعان ما يكبر يجد الواقع يتصداه من كل جانب، ويجعله يفقد عزيمته أو «أحلامه التافهة» للأمور الملموسة والحقيقية. أنهى المحامي كلامه بأن أولئك الذين يرغبون في تحقيق ما يريدونه وما يهمهم في حياتهم هو الاستفادة من حريتهم وخصوصاً تلك الحرية المرتبطة بصغر السن والقدرة على التجربة وإيجاد موقعك على مسرح الحياة بدلاً من مجرد أن تعمل وراء الكواليس.
في مجال المال والأعمال هنالك التنافس والحظ والأمور الأخرى. لكن مثل أي ممثل قدير، لدينا أيضاً البراعة في التمثيل والإخلاص إلى الدور. إخلاصا لا يمكن لأحد أن يسلبه. مهما كانت أهدافك وآمالك، فلديك أنت فقط القدرة على تصور ما تريده وأن تلعب الدور المناسب لتحقيق تلك الأمور.
أتمنى لكل الخريجين؛ من أولئك الذين سيلتحقون بالجامعة إلى غيرهم، كل النجاح والتوفيق. تذكروا بأن الفرق بين من يعيشون حياتهم ليفعلوا ما يريدونه والذين يفقدون ذلك الحس بالتحكم بمصيرهم هو الإدراك بأن الواقع أو الحقيقة الراهنة هي مجرد انعكاسات لشخصيات الآخرين. وأن الحياة لا تحتكرها فئة محددة، بل هي للجميع. لكل واحد حلم و هدف. فخذوا أماكنكم على المسرح ولنبدأ التمثيلية ولنجعلها أفضل عرض يقدم على الإطلاق
العدد 1382 - الأحد 18 يونيو 2006م الموافق 21 جمادى الأولى 1427هـ