في حديث نقلته وكالة أنباء البحرين عن جلالة الملك قوله أمس «ان تطوير التربية والتعليم من أهم مرتكزات المشروع الوطني للإصلاح»... وهذا التصريح يعتبر مهماً، لأنه فعلاً لا يمكن للاصلاح أن يستمر على المدى البعيد الا من خلال مناهج تعليمية متطورة تستخدم أفضل التقنيات، وتتضمن أفضل المحتويات التي بامكانها تهيئة المواطنين لكي يلعبوا دورهم في الحياة على أساس من الكفاءة العالية والإنتاجية والجودة.
من أكثر الانتقادات التي توجه للمناهج التقليدية أنها تعتمد على «تحفيظ» المعلومات، وعلى انهاك الطالب بالمعلومات المتناثرة من كل جانب. وهذا المنهج يركز على درجات النجاح، وكل ما يهم الطالب أن يجتاز الامتحان وبعد ذلك يمزق الكتب وينخرط اما في صفوف العاطلين أو في صفوف الذين لا ينتجون ما ينفع الناس بسبب انعدام الكفاءة.
المناهج المتطورة تركيز على «تنشيط التفكير»، بحيث يتمكن الطالب هو من آليات التفكير في المشكلات الحياتية (بشتى أنواعها) وإنتاج الحلول اعتماداً على مهارات أساسية ومن خلال أساليب متطورة. ومن المهارات التي تعتبر أساسية في عالمنا اليوم هي بالإضافة الى التمكن من اللغة العربية: الرياضيات، والكمبيوتر، واللغة الإنجليزية، والعمل كفريق واحد، وقدرة تلخيص الأفكار وعرض الحلول، وغيرها من المهارات التي لاغنى عنها في عالم اليوم.
ولو نظرنا الى ما حققته الهند من طفرة اقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية، فسنجد أن ذلك يعود أساساً الى قوة التعليم واحتوائه على المواد والمهارات والأساليب الأساسية. والطلاب الهنود يركزون كثيراً على الرياضيات، لأن هذه المادة من شأنها تشغيل الذهن بصورة أفضل، إضافة الى الاستخدام المتزايد للغة الانجليزية وتقنية المعلومات.
المناهج المتطورة تحتاج الى محتوى عن «التربية المدنية» وهي مواد تؤثر على حقوق الإنسان والديمقراطية، والكفاءة والمساواة أمام القانون وقدسية العمل، وأخلاقيات المهنة، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة.
ولو راجعنا بعض ما يقوله أصحاب الأعمال بشأن تفضيل الأجنبي، فإن عدداً منهم يشير الى الالتزام بأخلاقية المهنة، وليس فقط الكلفة. بل على العكس... فإذا كان لدينا الآلاف من الهنود الذين يحصلون على معاشات ضعيفة ويتكدسون في غرف ضيقة، فإن هناك آلافاً أخرى تحصل على معاشات فوق المتوسط، ويعيش هؤلاء في فيلل جميلة وغالية الثمن. وهذا يعني أنه في حال تم رفع كلفة العامل الأجنبي، فإن بعض أصحاب الأعمال قد يفضل أن يدفع المعاش المرتفع على أن يوظف ابن الوطن... وستكون المبررات أن الأجنبي يلتزم بأصول المهنة وينتج أكثر.
ان ما نحتاجه هو ما قاله جلالة الملك أمس «تطوير التربية والتعليم» بحيث نستطيع من خلالها تلبية متطلبات السوق التي أصبحت عالمية (بسبب العولمة) وبالتالي رفع مستوى الكفاءة والعطاء والمشاركة الفاعلة للمواطنين في الحياة العامة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1382 - الأحد 18 يونيو 2006م الموافق 21 جمادى الأولى 1427هـ