العقيد محمد راشد بوحمود الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية يحاول أن يفند موضوعي الذي كتبته بشأن مخالفة رجال الشرطة لكل الأعراف الدولية والقوانين... وهو يقول إن استخدام القيد الحديدي في أيادي المواطنين الأبرياء هو إجراء احترازي وقانوني، وذلك بحسب ما جاء في رده المنشور في صحيفة «الوسط» الصادرة في يوم الجمعة الأول من أمس وعلى صفحة محليات... ويضيف (العقيد) أيضاً بأنه ينبغي أن يكون النقد بناءً وعلى أساس من الواقع، إذ إن عدم توخي الدقة فيما ينشر قد يسيء إلى رجال يؤدون عملهم في إطار الدستور وما نصت عليه القوانين...
في مقال اليوم سأرد (بصراحة) على القانوني الأول في وزارة الداخلية حتى يرى الصورة الكاملة لتجاوزات رجال الشرطة والأمن العام، وحتى يعرف بأن النقد الذي وجهته كان بناءً... بداية فإن المادة () من قانون الإجراءات الجنائية البحريني والتي استند عليها هي ضده وليست معه، إذ إنها تقول إن المتهم يحضر إلى الجلسة بغير قيود ولا أغلال، والجلسة في القاعة، وبحسب ما رأيته فإن جميع المتهمين كانوا مقيدين وهم في وسط قاعة المحكمة (وليس في مبنى المحكمة) والقاعة هي غرفة صغيرة ولها بابان... الباب الصغير يقع خلف القضاة وعليه حراسات من الداخل، والباب الآخر يؤدي إلى المبنى الرئيسي للمحكمة وهو محروس بعدد لا يقل عن عشرة من رجال الشرطة... فأين المفر وكيف يهرب المتهمون، ولماذا القيود عليهم؟
ما علينا من باقي المتهمين وإجراءاتكم ضدهم... ولكن علينا من الشاب الصغير الذي فكت القيود من على يديه ومثل أمام هيئة المحكمة لينطق القاضي بحكم البراءة عليه، هذا هو المهم... الشاب عمره لا يتجاوز العشرين، وهو متهم في قضية عادية، يعني ليست خيانة عظمى أو محاولة الضرر بأمن البلاد، والحكم النهائي كان يقضي ببراءته... يعني هذا الشاب بريء مما نسب إليه... فكيف تعود الشرطة وتضع الأغلال في يديه وهم يعلمون بأنه لا توجد عليه أية قضية أخرى؟ وكيف تقول لي إنه لا توجد مخالفة للقانون إذا ما قيدت الشرطة مواطناً حكم له بالبراءة، ومن ثم أمرته شرطتكم بالاصطفاف في طابور المتهمين والمحكومين، وتم جرجرته في مبنى وزارة العدل أمام أنظار الكم الكبير من البشر، وبعدها أركبته شرطتكم (عنوة وهو مقيد) في سيارة الشرطة المحروسة، وأخذته إلى السجن البعيد في قرية جو... كيف يجري ذلك يا سيادة العقيد؟
كيف يجري ذلك في البحرين، ونحن في وطن نشيده الرسمي بلد الأمان ووطن الكرام... أين الأمان لهذا الشاب المسكين، أين الكرامة لشاب أهانت شرطتكم كرامته ووضعت القيود في يده بعد النطق ببراءته، أين؟ والله خوش كلام...
أنا رأيت الشاب المسكين، وعيونه ترقرق بالدموع بعد سماع براءته من التهمة المنسوبة إليه، وشرطتكم تقيد يده وتجرجره، فانفطر قلبي وأشفقت عليه وسحبت كل النقود التي في جيبي ووضعتها في جيبه، فما هو الخطأ الذي يجعل الشرطي يصرخ ويخرج من جيب هذا البريء النقود ويحاول رميها؟ أولاً أن الشاب بريء... فكيف تندهش (يا سيادة العقيد) عندما أعطي مبلغاً من المال لشاب قضت المحكمة ببراءته؟ أصلاً هذا الشاب بريء من أية تهمة وحتى لو وضعت (أنا) في جيب قميصه العلوي مواد مخدرة (في قاعة المحكمة عاد؟) أو أسلحة (كلاشنكوف) فهو بريء...
البريء يعني بريء مما نسب إليه... والشرطة التي أحضرته إلى قاعة المحكمة تعلم بأنه لا يوجد عليه شيء آخر... وعلى هذا الأساس فقد كان من المفروض أن يخلى سبيله حالاً... وإذا كانت هناك مراجعات لإجراءات إدارية فإنه بإمكانه أن يجريها فيما بعد وهوحر طليق وأنتم أصلاً تمسكون كل أوراقه، فلا مفر... والكلام الذي تقوله أنت في وادٍ، والذي رأيته أنا في وادٍ آخر..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ