في الكويت بلغ شراء الصوت الانتخابي دينار كويتي، وهو ما يعادل ديناراً بحرينياً، (أي ما يساوي أكثر من ثلاثة رواتب شهرية للشباب البحريني المتخرج حديثاً)! بل إن بعض الدوائر ارتفع فيها سعر الصوت إلى أو دينار، وربما ارتفع إلى ثلاثة آلاف أثناء الاقتراع، على ذمة صحيفة «القبس» الكويتية.
الصحيفة كشفت عن استفحال هذه الظاهرة وتنوع أساليبها بما سيتجاوز الهدايا النقدية إلى الهدايا «العينية» والترفيهية كتذاكر السفر وتلفزيونات بلازما بشاشات كبيرة في خيام لمتابعة مباريات كأس العالم جلبا لقلوب الشباب، فضلا عن بطاقات لفتح القنوات المشفرة!
ولأن النساء يدخلن معترك السياسة، هناك «دراريع» خاصة بالنساء طبعاً، وحقائب نسائية أنيقة من ماركات عالمية مشهورة، تحتوي على دهن العود والبخور وفقاً لـ «القبس» أيضاً. أما الوجهاء والكبار، فهناك سيارات الدفع الرباعي... ألم يقل الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم!
أما بالنسبة إلى الفقراء، فهناك عمليات ترميم للمنازل، وأجهزة كهربائية، وعلاج في الخارج، ووظائف تحت بند «المكافأة»، ودفع للمخالفات المرورية. والبند الأخير تتضح أهميته إذا عرفنا تسجيل أكثر من مليوني مخالفة مرورية فيه سنوياً.
إضافة إلى ذلك، هناك التوسط في الكليات العسكرية، وتعيين وكلاء وزارات وسفراء في الخارج، وهو عرضٌ يبدو مخصصاً لمن هم فوق طبقة «المستضعفين»!
وفيما تنخر ظاهرة شراء الأصوات في النظام الانتخابي الكويتي، لمصلحة جهات مستفيدة، أخذت جهات أخرى ترفع صوتها احتجاجا، وبشعارات قوية: «قف! الدائرة ليست للبيع»، و«عفوا نحن لسنا للبيع»، مع التذكير بقول غير مردود: «لعن الله الراشي والمرتشي». بل إن أحد الإعلانات قالها بصراحة: «إن عملية شراء الأصوات مجرمة قانونيا وأخلاقيا ودينيا، فكيف تضع ثقتك بشخص اخترق القانون»؟
المال السياسي إذاً يدخل على العملية الانتخابية لإفسادها، وهو ما يفسح المجال لوصول أفراد لا يخدمون غير أهدافهم الشخصية والفئوية، والجهات التي مولتهم وأغرقتهم بالعطايا والهدايا والمكرمات. وبالنتيجة استمرار تخلف المؤسسات التي يعول عليها في تحقيق أهداف الشعب وحفظ المصالح العامة.
ونحن في البحرين، نعتبر الكويت أقرب شقيقاتنا الخليجيات إلينا، ثقافة وحراكا سياسيا، ولأن العلاقة بين الشقيقات يحكمها أحيانا نوع من التنافس، والغيرة أحيانا، و«المطالع» أحيانا ثالثة، فإن بدايات «تعلم» الدرس الكويتي بدأت تظهر بوادرها. فقد وصل الصوت الانتخابي حتى الآن ديناراً بحرينياً نقداً كما يقول بعض المراقبين!
ولأننا في بلد يعيش فيه أكثر من ألف مواطن في وضع اقتصادي متدن، ولا نقول تحت خط الفقر، لكيلا يزعل البعض، فإن التفكير في استغلال مثل هذه الأصوات ذهبت باتجاه أكثر عملية، إذ تبنى بعض المرشحين القدامى والجدد، استراتيجية لكسب قلوب المستضعفين وأصواتهم الغالية!
في الكويت يدفعون المخالفات المرورية لكثرتها، أما في البحرين فيدفعون فواتير الكهرباء المتأخرة. أما «الإبداع» البحريني فهو توزيع أكياس الرز على العوائل الفقيرة، وهو الأسلوب الذي استوردناه من تجربة الانتخابات الديمقراطية في جمهورية بنغلاديش الشعبية
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ