في هذه الجزيرة الساحرة يعقد مهرجانها السنوي التلفزيوني. والتونسيون نشيطون ومولعون بتنظيم المهرجانات بأنماطها وأشكالها المختلفة، التي تغطي كل الولايات والمدن التونسية، صغيرة أو كبيرة. وهي متعددة وكثيرة ومن الصعب علينا كدبلوماسيين مقيمين أن نحصي عددها أو نحضر جلها، منها مثلا عيد الورد السنوي الذي يعقد في مدينة أريانة. وتقوم الحكومة التونسية بالترويج لزيارة هذه الجزيرة، وتقول الإحصاءات الرسمية إنها تستقبل سنوياً مليوني شخص. وقد زرتها لأول مرة في أبريل/ نيسان من القرن الماضي، وحضرت اجتماع وزراء الإعلام العرب، وما أكثر ما يعقدون من مؤتمرات ويطلقون منطلقات إعلامية. ولدي صورة تاريخية جميلة مع الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، وهي أكبر المدن الساحلية في شمال إفريقيا وتقع جنوب تونس وهي من كبرى الجزر التونسية، ومطارها يستقبل عشرات الطائرات يوميا، تحمل السياح الأوروبيين. كما يصلها يوميا الآلاف من المواطنين القادمين من ليبيا للسياحة أو للدراسة أو العلاج والتطبيب.
وتطل فنادق جربة على البحر، وقريبا منها برج غازي مصطفى، وهو قلعة قديمة تعطي تفصيلات أو حكايات منذ الغزو الروماني. وهناك عشرات القلاع على السواحل التونسية تحمي المدن الساحلية من الغزاة. وبرج جربة شيد أيام الرومان ووسع إبان الفتح الإسلامي، وهناك أسواق للمشغولات التقليدية وأيضا معروضات من الفخار والسيراميك. والكل يذكر الاعتداء على كنيس يهودي في جربة العام ، فقد أدى الانفجار هذا إلى سقوط ضحايا من السياح الأجانب معظمهم من ألمانيا. وهذا الحادث لم يؤثر على حركة السياحة النشيطة في تونس، فهي دولة آمنة مستقرة في مختلف ربوعها. كما ان لهذا البلد تجربة رائدة في السياحة وأصول الفندقة، تضاهي أوروبا في أنظمتها الفندقية.
وزرت جربة مرة ثانية في ديسمبر/ كانون الأول ومكثت ليلة واحدة في فندقها الجميل «أبونواس»، ثم غددت السير إلى طرابلس عاصمة الزعيم معمر القذافي قائد ثورة الفاتح العظيمة، مرافقا وزير التربية والتعليم آنذاك عبد العزيز الفاضل، وحضرنا اجتماع وزراء التربية والتعليم العرب. ولنا عودة حميدة إن شاء الله لنتحدث عن إنجازات الثورة الليبية الخالدة سياسيا واقتصاديا منذ اعتلى معمر القذافي الثورة الليبية المظفرة في العام والتي تكللت قيادة والحمد لله أخيرا بتسليم معدات وأسلحة الدمار الشامل الليبية إلى أميركا راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم. وقد ربطتني علاقة حميمة بسفير ليبيا لدى الأمم المتحدة في فترة الثمانينات علي التريكي الذي أصبح وزيرا للخارجية.
ومن المناطق الجميلة في تونس التي تشد المقيم والسائح منطقة قصر سعيد حيث يوجد نادي الخيول، الذي يضم إسطبلات تأوي الخيول العربية الأصيلة، إلى جانب خيول من سلالات أجنبية أخرى. وتجرى سباقات للخيول بين الحين والآخر، وتمتاز هذه المنطقة بمساحاتها السندسية الخضراء، وهي مكان ساحر وجميل لقضاء الإجازات الأسبوعية. وقد عرفني على هذه المنطقة الصديق أحمد الطرابلسي، طبيب العيون المعروف في تونس. وهو فارس بارع في ركوب الخيل وفي ممارسة رياضة البولو. ومن المناطق الجميلة منطقة باردو إذ يقع فيها البرلمان أو مجلس النواب التونسي، وبه حدائق سندسية خضراء. وفي شهر يوليو/ تموز من كل عام تحتفل تونس بعيد الجمهورية، يحضره الرئيس بن علي وكبار المسئولين في الدولة ورؤساء البعثات الأجنبية المعتمدة في تونس. وقد صفت في جوانب هذه الحديقة الواسعة الطاولات ووضع عليها الفطائر والمكسرات والحلويات التونسية اللذيذة المذاق، ويقدم الجميع للرئيس خالص التبريكات والتهاني في هذه المناسبة العزيزة على نفس كل تونسي.
ومن الأشياء الجميلة التي قرأتها أخيرا أن الصحافي التونسي ناجي بن جنات قد دخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، إذ حقق أكبر شبكة كلمات متقاطعة بالعالم، يبلغ طولها عشرين مترا، وعرضها ثلاثة أمتار وتحتوي على مترا، ويعرض هذا الانجاز بشارع بورقيبة بمناسبة مرور خمسين عاما على استقلال تونس.
وفي قصر قرطاج الجميل وفي مناسبة نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام يستقبل الرئيس زين العابدين بن علي وزوجته رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، ويحضره أيضا الوزير الأول وسائر الوزراء والمسئولون. وفي العام ق م، أسس الفينيقيون لهم وجودا في هذه المنطقة الأثرية الجميلة، ثم غزاها القرطاجيون سنة ق م، ثم الرومان العام ق م، وأخيرا جاء العرب فاتحين
إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ